في خطوة غير مسبوقة، دقّق ديوان المحاسبة الفرنسي في المساعدات التي قدّمتها باريس لبيروت خلال الفترة الممتدّ ة بين 2020 و2022 من أجل التخفيف من تداعيات الأزمات التي يتخبّط بها لبنان، وخلص إلى أنّه” يتعيّن على الحكومة توخّي الحذر الشديد في مساعداتها وقروضها لهذا البلد، حيث من المنطقي أن يهيمن النهج السياسي، ولا بدّ من تعزيز مراقبة الالتزامات والمدفوعات على المستوى المركزي”.
جاء التدقيق الفرنسي ليكشف عن سوء استخدام وخلل في توزيع الأموال وشكوك حول وصولها الى المكان الصحيح بحكم الفساد المستشري، وحول هذا الموضوع، أوضح الخبير الإقتصادي باتريك مارديني لـ”نيوزاليست” أن “فرنسا فتحت للبنان اعتمادات بـ 214 مليون يورو ما بين 2020 و 2022، 45 % منهم للتعليم و 25% للصحة و 10% للزراعة والتعذية، و10% لإعادة الإعمار و10% للمجتمع المدني”.
وشدد على أن “المشكلة الأساسية في لبنان، الذي كان ولا يزال يتلقى الأموال، تكمن في سوء استعمال الموارد”، لافتاً الى “ذلك تجلى بانعدام ثقة المجتمع الدولي بالمؤسسات العامة في البلاد، حيث بات كل بلد التفكير جدياً قبل ارسال أي أموال الى لبنان، لأنه بات على دراية مسبقة بأنها لن تصل الى الناس المفترض أن يحصلوا عليها، كما هو حال فرنسا”.
وأكد أن” هذا الأمر هو العائق الأساسي الذي أخّر تنفيذ مقترحات سيدر في الماضي حيث كان الدعم مشروط بالإصلاح، وطالما أن الإصلاح لم يحصل، فإن الدعم توقف تجاه لبنان”، لافتاً “الى ذلك ليس لأن لبنان يتعرض لحصار بل جرا ءالفساد، وقرر المجتمع الدولي عدم اعطاء الأموال لدولة يوجد فيها نسبة فساد مرتفعة”.
واعتبر مارديني” أن انفجار مرفأ بيروت أدى الى عودة التعاطف الدولي، على الرغم من الفساد، وتم ضخّ بعضاً منها”، مشيراً الى أنه ” على الرغم من الأزمة الإقتصادية وصرامة المجتمع الدولي بما يتعلق بالمجتمع الدولي في لبنان، لا يزال هناك سوء استعمال للموارد التي تأتي الى لبنان وكأنه لا يوجد ازمة على الرغم من التنبيهات الدولية بضرورة وقف ممارسات الفساد”.
ورأى أن ” الحديث عن ضرورة أن يعمل لبنان تحت غطاء صندوق النقد الدولي يعود الى أن المجتمع الدولي لا يثق في لبنان، ويريد أن يضع الصندوق لمراقبة لبنان ليتأكد بأن أي دعم سيصل الى البلد سيتم التدقيق به من قبله وسيكون محور متابعة لأنه لا ثقة بالحكومة اللبنانية”، مشيراً الى ” أن ذلك يُعزّز المطالبة بالاصلاحات الداخلية، وكل تأخير بذلك يؤدي الى تفويت فرصة النهوض والدعم الخارجي للبنان”.