في ردّه على مطالبة إسرائيل بسحب “حزب الله” عن الحدود إلى ما وراء الضفة الشماليّة لنهر الليطاني، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري:” لتطبق إسرائيل ذلك عندها أيضًا”.
ماذا قصد برّي في كلامه هذا الذي سبقه إليه كثير من الغيارى على “حزب الله”؟
لا توجد في إسرائيل ميليشيا تنتشر على الحدود مع لبنان. جيشها هو الذي يتولّى حماية الحدود والدفاع عنها. وكل القرارات التي يتخذها هذا الجيش تصدر عن المؤسسات الدستوريّة في الدولة.
وهذا ليس الوضع على الحدود اللبنانيّة، ف”حزب الله”، مهما كانت الوظيفة التي يقوم بها “نبيلة” فهي لا تخضع للسلطات الدستوريّة اللبنانية ولا علاقة لها بقراراتها، فهو، يقرر ما يراه مناسبً ا، بالتشاور مع “جبهة المقاومة” التي تنطلق من الجمهورية الإسلامية في إيران.
إنّ “المعاملة بالمثل” التي يتحدث عنها برّي تعني أنّ “حزب الله” هو الجيش اللبناني الحقيقي وانسحابه من الحدود يقتضي انسحاب الجيش الإسرائيلي أيضًا.
في الواقع، ووفق مضمون القرار 1701 الذي حلّ مكان “اتفاق الهدنة” للعام 1949، ينتشر الجيش اللبناني على الحدود وتعاونه في مهماته اليونيفيل”، بحيث يوفّر الدفاع عن الحدود اللبنانيّة ثلاثون ألف جندي لبنان وأممي.
إنّ الرئيس برّي وخلفه “حزب الله” ومعه الغيارى على هذا الحزب لا يقيمون اعتبارًا، في حججهم الجداليّة السخيفة، ولو من باب اللياقة لا للجيش اللبناني ولا لليونيفيل ولا للدستور اللبناني ولا للقرارات الدولية.
وهؤلاء مستعدون من أجل أن يُرضوا “حزب الله” أن يبرروا زج لبنان في حرب طاحنة ، تمامًا كما يبررون زج الجنوب اللبناني في حرب تقتل كوكبة من الرجال وتهجّر عشرات الآلاف من السكان وتدمّر المنازل وتحرق الأحراج.
من حق لبنان أن يستفيد من هذه الحرب لتحقيق أهداف سيادية غالية عليه، ولكنّه في سعيه الى هذا عليه أن ينتبه الى أنّ السيادة ليس أمتارًا جغرافيّة فحسب بل هي أيضًا وقبل أي شيء آخر، وظائف مؤسساتيه، حيث يلعب الجيش اللبناني المرتبط بالمؤسسات الدستورية دورًا بارزًا الى جانب اليونيفيل المكلفة دوليًّا الدفاع عن لبنان وتطبيق القرار 1701.
إنّ تكريس “حزب الله” مدافع عن الحدود لا يعني سوى شيء واحد: نهاية لبنان!