أجمعت الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة، في تصويت الخميس، على إنشاء مؤسسة هي الأولى من نوعها تعمل على كشف مصير ما يقدر بنحو 100 ألف شخص في عداد المفقودين أو المختفين قسرا خلال الحرب الأهلية في سوريا.
ويشير القرار الذي تبنته الجمعية العامة بأغلبية 83 صوتا من أصل 193 دولة، مقابل 11 ضده وامتناع 62 عن التصويت، أنه “بعد 12 عاما من النزاع والعنف” في سوريا “لم يحرز تقدم يذكر لتخفيف معاناة عائلات” المفقودين.
ويأتي هذا التصويت نتيجة ضغط مكثف مارسته عائلات المفقودين، إلى جانب مجموعات ومنظمات لفتح هذا الملف والكشف عن مصير المفقودين والمختفين قسرا في سوريا، منذ عام 2011.
وكانت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أنياس كالامار، قالت قبل التصويت، إنه يمكن للدول الأعضاء في الأمم المتحدة توفير وسيلة لإعمال حق العائلات في معرفة الحقيقة من خلال إنشاء مؤسسة تركز على الضحايا مكرسة لتزويدهم بالإجابات التي طال انتظارها حول ما حدث لأحبائهم”.
وطالبت الدول الأعضاء بالأمم المتحدة بالاستجابة لنداءات العائلات والناجين السوريين الذين كانوا في طليعة الجهود المبذولة لإنشاء مثل هذه الهيئة والتصويت لصالح القرار، وفقا لبيان لـ”منظمة العفو الدولية”.
لأكثر من عقد من الزمان ، واجهت عائلات المفقودين والمختفين قسرا تحديات هائلة في الحصول على أي معلومات حول مصير أحبائهم، ولم تكن جميع أطراف النزاع راغبة في معالجة هذه القضية ، تاركة الأقارب في حالة من المعاناة وعدم اليقين الدائم، حسب “العفو الدولية”.
ومن خلال إنشاء مؤسسة تركز على هذه القضية بالذات، يمكن للأمم المتحدة مساعدتهم في العثور على بعض الإجابات التي يستحقونها، حيث يُعتقد أن ما لا يقل عن 100 ألف شخص في عداد المفقودين أو المختفين قسريا في سوريا منذ عام 2011، على يد أجهزة الأمن التابعة للنظام السوري في المقام الأول.
ومن المرجح أن يكون العدد الحقيقي للأشخاص المفقودين أو المختفين أكبر لأن أطراف النزاع لم تكشف أبدا عمن هم في حجزهم، حسبما ذكرت “منظمة العفو الدولية”.
وستوفر هذه المؤسسة وسيلة واحدة لتسجيل القضايا وتوحيد المعلومات المتوفرة والتنسيق مع الآليات القائمة الأخرى لمعالجة هذه المشكلة.
لذلك قررت الدول الأعضاء أن تنشئ “تحت رعاية الأمم المتحدة، المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في الجمهورية العربية السورية، لجلاء مصير ومكان جميع المفقودين” في سوريا.
ولا يحدد النص طرائق عمل هذه المؤسسة التي سيتعين على الأمين العام للأمم المتحدة تطوير “إطارها المرجعي” في غضون 80 يومًا بالتعاون مع المفوض السامي لحقوق الإنسان.
لكنه يشير إلى أنه سيتعين عليها أن تضمن “المشاركة والتمثيل الكاملين للضحايا والناجين وأسر المفقودين” وأن تسترشد بنهج يركز على الضحايا.
كما تدعو الجمعية العامة الدول و”كل أطراف النزاع” في سوريا إلى “التعاون الكامل” مع المؤسسة الجديدة.
لكن سوريا، وكذلك روسيا والصين، أعربت عن معارضتها الصريحة، مؤكدة عدم استشارتها بشأن القرار.
واعتبر سفير سوريا بسام صباغ أن القرار يعكس “تدخلا صارخا” في شؤون البلد الداخلية، مشيرا خصوصا إلى الولايات المتحدة.
جاء التصويت على القرار بعد تقرير للأمين العام، أنطونيو غوتيريش، في أ غسطس، أوصى فيه بإنشاء هذه الهيئة.
وشدد التقرير على أن “العائلات تجري بنفسها عمليات البحث في الوقت الحالي، ما يفاقم من صدماتها ويعرضها للخطر”.
وأضاف “كما قال أحد الأشخاص الذين يمثلون جمعية عائلات ‘تخيّل فقط الاضطرار إلى مشاهدة مقاطع الفيديو المسربة للمجازر مرارا (على وسائل التواصل الاجتماعي) لمعرفة ما إذا كان أحباؤك بين الجثث مقطوعة الرأس والمشوهة، وإجراء أبحاثك الخاصة بيأس’“.