محمد دهشة
تواصل «الجماعة الإسلامية» في لبنان استنهاض قاعدتها الشعبية منذ عملية طوفان الأقصى والتصعيد العسكري في الجنوب دعماً لغزة، وقد سارعت إلى الانخراط في العمليات العسكرية انطلاقاً من الجنوب اللبناني، إلى جانب حركة «حماس» و»الجهاد الإسلامي» و»حزب الله» وحركة «أمل»، وقدّمت حتى الآن خمسة مقاتلين آخرهم ثلاثة في بلدة الهبارية.
وتشكّل مدينة صيدا حاضنة كبرى للجماعة، إذ تعتبر واحدة من القوى السياسية الرئيسية في المدينة، ويمثلها نائب رئيس المكتب السياسي في لبنان بسام حمود، بينما تتمثّل في البرلمان اللبناني بنائب واحد فقط من أصل 27 نائباً سنّياً هو عماد الحوت، وقد عادت لتعلب دوراً بعد انكفاء «تيار المستقبل» عقب قرار الرئيس سعد الحريري تعليق عمله السياسي حتى إشعار آخر.
وتؤكد مصادر سياسية لـ»نداء الوطن» أنّ سبباً آخر أعاد لـ»الجماعة الإسلامية» دورها على الساحة اللبنانية هو التقارب مع «حزب الله»، حيث لعبت «حماس» دوراً في إعادة وصل ما انقطع على خلفية الأحداث الأمنية في سوريا، ناهيك عن الانتخابات الداخلية التي حملت الشيخ محمد طقوش أميناً عاماً وهو المقرّب من «حماس» والمقتنع بأهمية العلاقة التحالفية مع «الحزب».
وتشير المصادر الى «أنّ هذه العوامل مهّدت الأرضية أمام الجماعة لاستئناف دورها الجهادي عبر العمليات العسكرية في الجنوب نصرة لغزة وشعبها ومقاومتها، مستفيدة من قاعدتها الشعبية السنّية من جهة، والتقارب مع «حماس» من جهة أخرى، ناهيك عن تقديم خمسة مقاتلين في معركة النصرة والمساندة، هم محمد بشاشة (صيدا) ومحمود شاهين (البقاع) اللذيان سقطا في عملية اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لـ»حماس» صالح العاروري، في الضاحية الجنوبية مطلع العام الجاري 2024، حسين درويش (شحيم) ومحمد إبراهيم (الهبارية)، محمد محيي الدين (بيروت) الذين سقطوا منذ أيام في غارة استهدفتهم في خراج الهبارية وهم الباكورة على أرض الجنوب.
ويقول حمّود لـ «نداء الوطن»: «إنّ «الجماعة الإسلامية»، إضافةً لكونها حزباً لبنانياً، لها رؤيتها السياسية الخاصة للواقع اللبناني وقد أعلنتها من خلال وثيقة «رؤية وطن» وقاربت فيها المسألة الوطنية من النواحي السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وأكدت خلالها الحرص على الانفتاح على كل مكونات الوطن، فهي أكدت ايضاً في نفس الوثيقة على التمسك بالثوابت لجهة تبنيها مشروع المقاومة والعداء للكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين.
وانطلاقاً من هذه الحقائق فإن «الجماعة» لا تحتاج لأي مبررات أو مبادرات لممارسة حقها كما كل اللبنانيين في الدفاع عن سيادة الوطن في وجه عدوٍ غ اشمٍ يستبيح الديار ويمارس إجرامه قتلاً للمدنيين وتدميراً للممتلكات والبنى التحتية في قرانا ومدننا. وهذا ما قامت به منذ عام 1982 عندما اجتاح العدو الصهيوني لبنان وصولاً إلى العاصمة بيروت، حيث كانت من أوائل من أطلق العمل المقاوم في وجه الاحتلال وتحديداً من مدينة صيدا، وقدمت حينها ولا تزال حتى يومنا هذا تقدّم القادة وخيرة شبابها، إيماناً بحقها المقدس في التصدّي للعدوان وتحرير الأرض ونصرة المظلوم وخاصة أهلنا في فلسطين».
وفي الشأن الداخلي، يوضح حمود: «سياستنا مبنية على رؤيتنا الخاصة والتي من مرتكزاتها الانفتاح على كل مكونات المجتمع اللبناني بعيداً عن سياسة المحاور أو التبعية لهذا الفريق أو ذاك، لذلك قد تتباين مواقفنا مع كل الأحزاب، وقد تتّفق حسب القضية السياسية المطروحة، وهذا لا يعني القطيعة التامة لأننا لا نؤمن بها إلا بما يعني الخيانة العظمى والعمالة للعدو».
ويضيف: «علاقتنا السياسية بـ»حزب الله» مرهونة بمواقفه، تأييداً أو رفضاً، أما بما يعني مشروع المقاومة وحق مقاومة العدو الصهيوني، فهذا موضوع لا يحتمل النقاش ولا الجدال لأنه من صميم رؤيتنا وقناعتنا، نتعاون فيه مع كل المقاومين وعلى رأسهم «حزب الله». وإلى حين إقرار الاستراتيجية الدفاعية للدولة اللبنانية والتي كانت «الجماعة» أول من نادى بها وقدّم لها رؤية متكاملة بعد عدوان 2006، فإننا سنبقى في موقع الدفاع عن أهلنا وصد العدوان مهما كانت التضحيات، وكلما سقط لنا مقاتل كان خلفه مئات الشباب يتوقون شوقاً لمنازلة الأعداء وشعارهم «الموت في سبيل الله أسمى أمانينا».
نداء الوطن