تتوالى فصول الإنتهاكات في بلد الحريات، حيث بات “اختلاف الرأي” جريمة يُعاقب عليها، ليس من هم في داخل لبنان، بل أيضاً الوافدين إليه لمجرد أنهم يناهضون سياسة “حزب الله” بالكلمة والموقف، وردّ الحزب “القابض” على المطار على دول الخليج، بعد توقيف مجموعة من اللبنانيين، تجلّى بتلك الحادثة التي أظهرت أن الإعتراض على ممارساته تواجه بالاحتجاز والترحيل.
وفي ترجمة مباشرة لذلك، أقدم جهاز الأمن العام، مساء أمس، على منع الإعلامية الكويتية فجر السعيد من دخول لبنان، بعدما وصلت إلى مطار رفيق الحريري الدولي لتصوير حوار لصالح أحد البرامج.
وأفيد بأن الأمن العام لم يُعلِم السعيد بسبب منعها من دخول لبنان، وأبقى عليها في ا لمطار حتى صباح اليوم ، لتعود بعد ذلك إلى بلدها الكويت على متن رحلة جوية لطيران الشرق الأوسط.
وكتبت السعيد في تغريدة على حسابها عبر “تويتر”: “أنا في مطار بيروت صارلي خمس ساعات ما أدري سبب وجودي الحين قالولي عليج منع دخول تام وابدي، شكرًا لبنان”.
وأشارت في تغريدة أخرى إلى مشاركتها في برنامج تلفزيوني لبناني سألت فيه عن “حزب الله”، وقالت: “أستاذ رودولف سألتني بالحلقه بأن حزب الله ديمقراطي ورغم هجومي عليه سمح بدخولي لبنان مهو؟! أنا محجوزه بمطار لبنان من الساعه سبع ونص حتى الآن أنتظر أي طياره تعيدني الى بلدي لأن ممنوع دخولي لبنان الجماعة طلعوا حساسين”.
كما نشرت السعيد فيديو تحدثت فيه عن ما حصل معها في المطار بيروت، كاشفة أن عليها منعا دائما من دخول لبنان، وأنه يجب ترحيلها إلى بلادها.
وأضافت: “ما حصل لا يعني أنني لا أحب الشعب اللبناني, لكن أنتم تعرفون ظروف لبنان ومن هو صاحب القرار، والموضوع سياسي بحت، وبسبب آرائي السياسية وعدم تحمل الرأي الآخر”.
وربطت مصادر بين منع السعيد وصدور مذكرة تطويع بحقها في وقت سابق على خلفيّة مواقفها المناهضة لـ “حزب الله”، وكانت السفارة الكويتية لدى بيروت قد أُبلغت بطريقة غير رسمية بقرار منع مواطنتها من دخول لبنان، الأمر الذي استدعى توجّه القائم بالأعمال الكويتي ليلاً إلى المطار على رأس وفد من السفارة، وعرض اصطحاب الإعلامية السعيد إلى السفارة الكويتية ريثما يتمّ توضيح الأمر، إلاّ أنّ جهاز الأمن العام، الذي بقي مديره العام بالإنابة العميد إلياس البيسري غائباً عن السمع، رفض ذلك.
وكانت اتصالات قد أجريت بوزيرَي الإعلام والداخلية للوقوف على ما حصل، ولكن من دون جدوى، علماً بأنّ الوزيرين تابعا القضية على نحو حثيث، وبذلا جهداً استثنائياً.
وفي تعليقه على الحادثة، اعتبر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أنّ “منع الإعلاميّة والكاتبة والمنتجة الكويتيّة فجر السعيد من دخول لبنان بطريقة بوليسيّة، ومن دون أيّ مسوّغٍ قانونيٍّ، إنّما هو ضرب لكلّ ما يمثّله لبنان من قِيَمٍ حضاريّةٍ وثقافيّةٍ وإعلاميّة من جهة، واستهتار كامل بعلاقات لبنان العربية من جهة ثانية، الأمر الذي يشكّل ضرباً لمفهوم الحرّيّات بِرُمَّتِه”.
ولفت في بيان الى أنّ “الكويت لطالما كانت خير معين وظهير وصديق للبنان منذ الاستقلال وحتى اللحظة على مختلف الأصعدة، وفي مقدمتها المشاريع الإنمائيّة التي أنجزها صندوق التنمية الكويتي، أقلّه في السنوات العشر الأخيرة، والتي تفوق في بعض المناطق، ما أنجزته الدولة اللبنانيّة بحدّ ذاتها، كما أنّ الكويت كانت دائمًا وأبدًا ومن دون تردُّد، تقف إلى جانب لبنان في المحافل العربيّة والدوليّة، فهل هكذا نكافئ أصدقاءنا؟ “.
وتابع قائلاً: “لكن على ما يبدو أنّ السبب الوحيد لمنع الإعلاميّة الحرّة فجر السعيد من دخول لبنان يكمن في مواقفها الواضحة والشفافة تجاه محور الممانعة، والسؤال المطروح: هل تحوّل لبنان إلى كوريا شماليّة ثانية؟”، مشيراً إلى أنّ “المطلوب من رئيس الحكومة ووزير الداخليّة إجراء تحقيقٍ فوريٍّ في هذه القضيّة وتحديد المسؤوليّات وإنزال أشدّ العقوبات بحقّ الذين كانوا وراء هذا القرار… ماذا وإلّا، أهلا بكم جميعًا في جمهوريّة كوريا الشماليّة”.
ولاحقاً، اختارت المديرية العامة للأمن العام الرد في بيان “فارغ” تبريري لم يتضمن بوضوح سبب المنع، فأشاارت الى “أنه بتاريخ 7/6/2023 تقدمت السيدة فجر السعيد، عند وصولها الى مطار رفيق الحريري الدولي قادمة من دولة الكويت، للحصول على تأشيرة دخول الى لبنان، وبعد التدقيق بمستنداتها تبيّن ان بحقّها اجراء عدم السماح لها بالدخول”.
وأوضح مكتب شؤون الإعلام في المديرية “أن اجراءات دخول العرب والاجانب الى لبنان والاقامة فيه، مناطة وفقا للقوانين المرعية الاجراء حصرا بالمديرية. كما يحق لأصحاب العلاقة مراجعة هذه المديرية، بالاصا لة او بالوكالة، لإعادة النظر بأي اجراء يصدر عنها في حال تقدّموا بمعطيات ومستندات تسمح بإعادة النظر بأي اجراء متخذ.
