لم يجد سكان قطاع غزّة حليفًا واحدًا يخفّف عنهم وطأة المأساة التي تبدأ اليوم شهرها الرابع، فالعالم، بغربه وشرقه، عاجز عن وضع حدّ لهذه الحرب التدميريّة الهائلة أو بالأصح…غير راغب بذلك!
لا توجد في هذا العالم، سوى قلّة تهتم بالشعب المفجوع. الباقون يركزون اهتمامتهم على ما يمكن أن يفيدهم من هذه الحرب القبيحة: إسرائيل وحلفاؤها يريدون القضاء على “حركة حماس” وإضعاف المحور الإيراني الذي يدعمها، علّهم بالتفوق والإزدها ينعمون. الشرق يعتبر أنّ صورة الغرب سوف تزداد بشاعة كلّما ازدادت هذه الحرب ضراوة. “محور المقاومة” يُحصي خسائر إسرائيل من دون أن يُعير انتباهًا لكوارث الفلسطينيّين واعدًا نفسه بأنّ أرحام النساء قادرة على تعويض الخسائر ومغانم الجنّة مؤهلة لتعويض “العمر المقصوف”.
لا أحد ينظر الى المأساة كمأساة. الجميع يعتبرونها فرصة لا بدّ من انتهازها لتحقيق الأهداف.
هذه ليست المرّة الأولى التي تشهد فيها البشريّة واحدة من عمليات التجارة بالجثث، ولكنّ جيلنا لم يشهد على واحدة بضخامتها.
حتى أكثر الناس ادعاء بأنّهم معنيون بشعب غزة يظهرون، بلا قلب.
“محور المقاومة” لا يأبه بالكارثة الإنسانيّة. هدفه الوحيد أن يخرج منتصرًا بالنقاط على إسرائيل.
التدقيق بكل الأدبيات التي يستعملها الأمين العام ل”حزب الله” السيّد حسن نصرالله تُظهر أنّ اهتمامه الوحيد هو ما يمكن أن يلحق بإسرائيل من خسائر. مقاتلوه وشعب لبنان وغزة مجرّد “اكسسوار” في الحرب. بالكاد يستحقون الذكر!
وحال نصرالله مثل حال قادة إيران. المشاعر نفسها. الأهداف نفسها.
ولا فرق بين الأعداء. الحكومة الإسرائيليّة تستغل ضحايا الهجوم على أبنائها في غلاف غزة لتحقق أهدافًا عقائديّة لم تُسعفها الظروف سابقًا على محاولة وضعها قيد التنفيذ.
من يمكن أن يربح في هذه الحرب؟
الجميع باستثناء الشعب الذي إن انتهى قتله اليوم سيرى نفسه ضحية المتطرّفين غدًا!
حرب غزة هي من نوعي ة الحروب التي لا تنتهي أبدًا، لأنّها مصمّمة على قياس المتطرّفين الذين لا يعيشون إلّا على الدماء والدمار والتخريب.إن سكت المدفع يومًا، ستتحدث العبوة الناسفة غدًا. وإن هدأت العبوة الناسفة غدًا سوف تطلق المنابر راجمات الحقد والتحريض، كلّ يوم.
لن يُسمح للضحايا أن يُنبتوا على أضرحتهم زهور السلام بل سيتم تحويل جثثهم الى وقود تُشعل مئات الحروب الجديدة!
مأساتنا تكمن في أنّ ليس بيننا من يعمل على إخراجنا من هذه الدوّامة الدموية، فالجميع مجرّد أداة في الدعاية السوداء التي تزرع الحقد لتحصد الحروب!