بشكل عام، يحتاج الجسم إلى الإجازة للفصل عن ضغوط العمل بشكل أسبوعي، وأيضاً لكسر روتين الحياة بكل ما يترتب عنه من ضغوط ومسؤوليات، من وقت إلى آخر. إذ تبرز أهمية الإجازة لتجديد النشاط على المستويين الذهني والجسدي. فمن منا لا يجد في ال إجازة فرصة للتخلص من التوتر واستعادة النشاط؟ إذا بنا نعود دوماً إلى العمل والحياة بعدها بمزيد من الحماس والاندفاع والطاقة، خصوصاً بعد الإجازة السنوية الطويلة. فهي حق لا غنى عنه للجسم والعقل، وليست ترفاً كما يعتبرها البعض.
بالنسبة للبعض، قد لا تسمح ظروف العمل بالتفكير بالراحة والإجازة. إلّا أنها ضرورية لتجنّب أي مضاعفات جسدية ونفسية يمكن التعرّض لها، بعد أشهر طويلة من الجهد المتواصل من أجل انطلاقة جديدة. اما مدة الإجازة السنوية فتتفاوت بحسب الدراسات، لكنها تجمع كلّها على ضرورة الحصول على إجازات منتظمة، بما أن الإجازات التي تؤخذ بانتظام تساعد في تجنّب حالات الإرهاق الجسدي والنفسي التي يمكن أن تطرأ بسبب الإجهاد والتوتر المزمن. هذا ما يجعل المتعة والاستمتاع بالإجازة اولوية في الحياة. وبحسب ما نُشر في Forbes هناك علامات معينة يمكن أن تدلّ إلى الحاجة إلى الإجازة في أي وقت كان: -الانفعال السريع: عندما يبدو أنك تفقد السيطرة على أعصابك وتنفعل سريعاً بسبب التوتر الزائد، قد تكون بأمسّ الحاجة إلى إجازة. فأحياناً يبدو وكأنك تجعل المشاكل تبدو وكأنها أكبر من حجمها، فيما من السهل في الواقع معالجتها. في مثل هذه الأوقات، تساعد الإجازة في استعادة القدرة على تولّي زمام الأمور. -القيام باختيارات خاطئة: يسبب الضغط النفسي والجسدي التعب، ما يفقدك الاندفاع في الحياة. عندها، نميل غالباً إلى القيام باختيارات غير مناسبة سواء على مستوى النظام الغذائي، أو على صعيد ممارسة الرياضة، حيث يتمّ إهمالها، او حتى في إهمال الذات والصحة. حتى أن السلوكيات تتأثر إلى حدّ بعيد عبر تمضية المزيد من الوقت أمام الشاشات. عندها تبدو أيضاً الإجازة ضرورية.
-الوقوع في أخطاء عديدة: في حال مواجهة تحدّيات في التركيز، يزيد احتمال القيام بأخطاء. في حال ملاحظة ذلك، من المهم أخذ إجازة للاستراحة بأسرع وقت ممكن لانطلاقة جديدة في العمل.
-اضطرابات في النوم: عندما تزيد الحاجة إلى القليلولة بعد الظهر، ويغلب على مظهرك التعب، وتجد صعوبة في النوم وتعاني الأرق، يدل ذلك إلى أنك تحتاج إلى التغيير. فالإجازة هي الحل الأمثل لاستعادة النشاط والشعور بالتجدد، فيساعد في استعادة برنامج النوم الصحي.
-إهمال الحياة الخاصة: في حال التركيز على المسؤوليات في العمل وإهمال العائلة والحياة الخاصة والاصدقاء وكافة اللقاءات التي خارج إطار العمل، من المهم إعادة التفكير بالتوازن بين العمل والحياة الخاصة. ويُعتبر الحل في الإجازة.
-أصبحت الإجازة الأخيرة ذكرى من الماضي: إذا كنت تعجز عن تذكر إجازتك الأخيرة وتفاصيل العطلة التي أمضيتها، يعني ذلك أنك بأمسّ الحاجة إلى عطلة جديدة.
-عدم الاستمتاع بالعطلة الأسبوعية: إذا كنت لا تجد أي متعة في العطلة الاسبوعية بل تفتقد إلى الطاقة وتشعر بالرغبة بالاستلقاء فحسب والراحة، يدل ذلك إلى أن الطاقة لديك انخفضت إلى أدنى مستوياتها. وتحتاج عندها إلى إجازة لتجديد النشاط.
ما المدة المثلى للإجازة؟
إذا كانت الإجازة حاجة ملحّة للإنسان في وقت الأوقات، تُطرح تساؤلات حول المدة المثالية للإجازة لتأمين حاجة الجسم من الطاقة. في إحدى الدراسات التي نُشرت في عام 2012 في جامعة تامبيري في فنلندا، تبين أن صحة الإنسان ورفاهيته تبلغان الذروة في اليوم الثامن من العطلة. على الرغم من ذلك، لم يعتبر الباحثون أن الثمانية أيام هي المدة المثالية للإجازة للشعور بالرضا وتحسين المزاج. لكن بشكل عام، من المفترض، بحسب الدراسة أن تزيد مدة الإجازة قليلاً عن الأسبوع. أما إذا تخطّت 11 يوماً، فقد ترتفع مستويات القلق حول كمية المهام المتراكمة في العمل.
في الوقت نفسه، يعتبر الباحثون أن فوائد مثل هذه الإجازة هي قصيرة المدى، وقد تكون الإجازات القصيرة المتكررة أكثر فائدة أحياناً، خصوصاً لمن لا تسمح لهم ظروف العمل بالابتعاد في إجازة طويلة. فيساعد ذلك في استعادة النشاط والشعور بالتجدد.
في كل الحالات، وعلى الرغم من أن الإجازة تُعتبر حاجة ملحّة للإنسان، سواء كانت طويلة أو قصيرة لأخذ استراحة من الحياة اليومية، ثمة جدل حول هذا الموضوع أيضاً. ففي بعض الأحيان، تكون الإجازة بحدّ ذاتها مصدراً للتوتر لأسباب عدة:
-السبب المادي، لاعتبار أن العطلة تُعتبر مكلفة وقد لا يكون الكل قادراً على تحمّل تكاليفها. ل كن الرغبة الشديدة في الاستفادة من عطلة تغلب، وقد يواجه البعض تحدّيات على المستوى المادي للحصول عليها.
-هي مختلفة عمّا كان متوقعاً: أحياناً، لا تأتي الإجازة كما هو متوقع. فتعلّق الآمال على طابعها الذي يغلب عليه المرح أو الاسترخاء، ويأتي الواقع مخالفاً أحياناً.
-ارتفاع معدل التوتر لاستفادة قصوى: ينتج التوتر أحياناً من التعب الجسدي، لكن أحياناً ينتج التوتر من الرغبة في الاستفادة بمعدلات قصوى من العطلة. في مثل هذه الحالة، يواجه كثيرون المزيد من الإجهاد الجسدي بسبب قلة النوم والتعب المتواصل وتغيير نمط الحياة واعتماد سلوكيات غذائية خاطئة، ما ينعكس سلباً على الحالة النفسية. وقد يكون الوضع أسوأ بعد، عندما تكون العطلة قصيرة وتزيد الرغبة في الاستفادة منها بمعدل أكبر.