لا تزال تداعيات الاحتجاجات التي شهدتها ايران بعد وفاة الشابة مهسا أميني إثر توقيفها من قبل شرطة الأخلاق لعدم التزامها بقواعد اللباس في الجمهورية الإسلامية، تتوالى فصولها على الرغم من تراجعها، إلا أن ممارس ات النظام بالتضييق والقمع تتواصل وبالتحديد تجاه النساء، فيما أعدمت السلطات الإيرانية منذ أواخر 2022، سبعة أشخاص لإدانتهم بالاعتداء على عناصر من قوات الأمن على هامش الاحتجاجات، وتؤكد منظمات حقوقية أن سبعة آخرين يواجهون مصيراً مماثلاً.
وفي جديد التطورات، ألغى القضاء الإيراني حكماً بالإعدام صدر بحق الشاب محمد قبادلو (23 عاماً)، الذي كان قد أدين في تشرين الأول/أكتوبر 2022، لإدانته بتهمة “الإفساد في الأرض” على خلفية قتل عنصر من الشرطة دهساً بسيارة وجرح آخرين على هامش احتجاجات اندلعت في أيلول/سبتمبر.
وأوردت وكالة “مهر” نقلاً عن فريق الدفاع أن “المحكمة العليا ألغت إدانة قبادلو وستتمّ إحالة القضية على محكمة أخرى للتعامل مع مشكلات الصحة العقلية للمتهم”.
وكان موقع “ميزان أونلاين” التابع للسلطة القضائية الإيرانية أفاد مطلع شباط/فبراير، بتعليق تنفيذ الحكم بإعدام قبادلو لحين التحقيق في قضية قتل شرطي عمداً. وطلبت عائلة المدان في حينه الصفح عنه، مشيرة الى أنه يعاني من اضطراب ثنائي القطب.
في المقابل، كثّفت السلطات الإيرانية في الأشهر الماضية من قمع مخالفات إلزامية وضع الحجاب والقواعد الصارمة للباس في الجمهورية الإسلامية، وفق منظمة العفو الدولية.
وفتحت الاحتجاجات باب النقاش داخلياً حول قواعد اللباس لاسيما إلزامية الحجاب، مع دعوة بعض الأطياف السياسية والاجتماعية الى تخفيف القيود. وألمح مسؤولون الى سحب دوريات شرطة الأخلاق من الشوارع، بينما تزايدت أعداد الاناث اللواتي يخرجن بلا حجاب للرأس.
ومع تراجع حدة الاحتجاجات بشكل ملحوظ في الأشهر الماضية، قالت منظمة العفو في تقرير الأربعاء، إن سلطات الجمهورية الإسلامية عمدت الى التشدد مجدداً خصوصاً منذ نيسان/أبريل.
وأفادت المنظمة بأن “السلطات الإيرانية تضاعف وسائلها الاستبدادية لمعاقبة النساء والفتيات لقمع التحدي الواسع النطاق لقوانين الحجاب المهينة والتمييزية”.
وحذّرت منظمة العفو من وجود “حملة قمع تزداد شدّة على النطاق الوطني”، مشيرة الى أن أكثر من مليون امرأة تلقّين عبر رسائل نصيّة قصيرة تحذيرات من مصادرة سياراتهنّ في حال تم رصدهن على متنها بلا حجاب.
وقالت الأمينة العامة لمنظمة العفو آنييس كالامار إن “شرطة الأخلاق عادت في إيران”، مشيرة الى أن الرقابة تتمّ أيضاً عبر “تقنيات قادرة على تحديد النساء غير الملتزمات الحجاب في سياراتهن والمساحات المخصصة للمشاة”؟
وحضّت على ضرورة “ألا يقف المجتمع الدولي مكتوف اليدين بينما تقوم السلطات الإيرانية ب تكثيف قمعها للنساء والفتيات”.
ولجأت السلطات في الآونة الأخيرة الى إغلاق مطاعم أو مقاهٍ أو مراكز تسوّق، بعد رصد نساء غير محجبات فيها.
وأثار مشروع قانون جديد بشأن ارتداء الحجاب نقاشاً حاداً بين أقطاب السلطة مع تشدد المحافظين حيال رفض عدد متزايد من النساء تغطية رؤوسهن، واقترح القضاء والحكومة في أيار/مايو، المشروع بهدف “حماية المجتمع وتمتين الحياة الأسرية”، ويتضمن تشديد العقوبات، المالية خصوصاً، على أي امرأة “تخلع حجابها في الأماكن العامة أو على الإنترنت”، لكن دون أن تبلغ حد السجن.