المكابرة لا تُجدي نفعًا. “محور المقاومة” لعبها في السابع من تشرين الأول 2023 “صولد” وخسر. لم يبق لديه سوى اتهام الرابح بالغش والشروع في بيع آخر ما يملكه أولاده من أجل العودة الى طاولة “الميسر” العسكرية- السياسية.
وها هي غزة تعود الى “حكاية الموت”. “حماس” تريد أن تراهن على آخر نفس، على الرغم من أن أوراق إسرائيل القوية مكشوفة. هذه المرة، لن تواجه إدارة أميركية خائفة على سمعتها الديموقراطية. هذه المرة معها دونالد ترامب وإدارته التي إن لم تتعاط إيجابا مع طلباتها سحقتك.
ليس لدى “حماس” ما يمكن أن تقدمه على طاولة الحرب. تراهن على الرهائن وعلى الحس الإنساني. وهاتان الورقتان ذبلتا كثيرا. الزمن لم يعززهما، بل أطا ح بهما.
في فترة الهدنة، لم يكن بمقدور “حماس” إعادة تسليح نفسها ولا تجميع قواها. استفادت إسرائيل من تلك الفترة حتى أعادت تزخير مخازنها بالصواريخ الفتاكة، وعززت “بنك الأهداف”. الوجوه الجديدة التي كانت تجهلها أصبحت تعلمها. قادة “حماس” الجدد أصبحوا، بعد تلك الفترة، مثل قادة “حزب الله” الذين تمّ استهدافهم، فردا فردا.
حاليا، لن تكون ثمة مهمة لدى “حماس” أفعل من أن تحصي عدد الضحايا. بسبب، إدارة دونالد ترامب، ستكون دماء هؤلاء على عاتق “حماس” وليس إسرائيل.
وقد تصلح غزة درسا للبنان، على الرغم الفارق الجوهري بينهما. غزة قد تجد مبررًا ضميريًّا لها، في أنها تناضل من أجل إقامة دولة فلسطينية، ومن أجل استرداد حقوق مسلوبة للشعب الفلسطيني المعذب والمقهور. في حين أنّ لبنان هو في الواقع دولة تناضل من أجل أن تستعيد ذاتها وكيانها ووظيفتها، بعدما سلبها منها المحور الإيراني، وقدمها أضحية على مذبح “وحدة الجبهات”.
“حزب الله” مهما كابر، فهو انهزم شر هزيمة. خسر القيادات والأرض وقدرة الردع واكتشف الهوة الساحقة بين “مقاومة على طراز متهالك” وقوة هائلة تعتمد على أحدث التقنيات الذكية.
لن يكون بإمكان “حزب الله” أن يعود الى حرب يتمتع بها بقوة الردع. لقد انتهت قوة الردع هذه الى أبد الآبدين. ولن تتمكن الدولة اللبنانية من أن تخوض الحرب، مهما تمّ الضغط عليها، فهي، بقواها المسلحة، إن غامرت بالحرب تكون قد استدعت الإنتحار.
وبالأساس، لماذا مطلوب منها أن تنتحر؟ لأي هدف؟
كل المطلوب من لبنان أن يعود دولة. أن يسحب السلاح من يد ميليشيا تطلق على نفسها لقب “المقاومة”. أن يلغي مبررات تدميره وقتل شعبه وتهجيره. أن يصبح مؤهلا لاستقطاب الاستمثارات والقروض من أجل إعادة بناء ذاه ومن أجل النهوض مجددا ومن أجل إزالة أثار أخذه عنوة الى طاولة القمار.
وكل ذلك يستدعي اعتراف “حزب الله” بواقع بسيط: الهزيمة!
وإعلان الهزيمة ليس عارًا. لقد حاول أن يزيل إسرائيل، وفشل. أخذ كل فرصه وفوّتها. الآن، عليه أن يترك سلاحه ليسمح بإقامة دولة ينتحر الفلسطينيون من أجل الحصول على مجرد وعد بإقامتها.
درس إعادة غزة الى الحرب، ليس بسيطا، وويل لمن لا يتعظ منه!