هذه الإفتتاحية بمعطيات متطابقة بالصوت والصورة( إنقر/ي هنا)
إفترضنا أنّ الأمين العام ل”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم، سيبقى على صمته ولن يطل أبدًا أمام الناس بكلمة “خائبة”، لأنّ أيّ كلمة “صائبة” لا بد من أن تصيب ناسه بخيبة في حين أنّ أيّ كلمة “طائشة” من شأنها أن تصيب “حزب الله” بكارثة جديدة!
صمد افتراضنا ثلاثة أيام كاملة فقط لا غير، إذ إنه بعد مرور اليوم الثالث على إعلان موافقة كل من لبنان وإسرائيل، على اتفاق وقف الحرب، قرر قاسم أن يتكلم…فكان بالفعل “خائبًا”!
لم يأت مطلقًا على ذكر مضمون الاتفاق الذي أوقف إطلاق النار. قال عنه ما يعرفه الجميع: اتفاق يضع آلية لتطبيق القرار 1701.
ولم يذكر سوى ناحية وحيدة من أهدافه، وهي انسحاب الجيش الإسرائيلي الى ما وراء الخط الأزرق. كل ما له صلة ب”حزب الله” تمّ القفز فوقه، على الرغم من أنّه أصل نص الاتفاق وروحه!
لم يرد على تفسيرات متتالية قدمها بنيامين نتنياهو ووزراء وقادة عسكريون في إسرائيل لهذا الاتفاق. تجاوز كل ذلك. لم يتطرق لا من قريب ولا من بعيد الى سلوك الجيش الإسرائيلي “الناري” و”الميداني” في جنوب لبنان وعلى الحدود اللبنانية- السورية، منذ إعلان وقف إطلاق النار حتى ما بعد بعد كلمة قاسم!
لم يأت على ذكر أسرى الحزب لدى إسرائيل ولا على جثث مقاتلين احتجزهم جيشها من أرض المعركة.
[هذه الإفتتاحية بمعطيات متطابقة بالصوت والصورة( إنقر/ي هنا)
تجاوز كل ذلك، حتى بدا أنّه ل ا يريد الغوص في ما يمكن تسميته فعلًا باتفاق الإذعان، إذ إنّ الجيش الإسرائيلي، ومنذ وقف إطلاق النار، يطارد أي تحرك ل”حزب الله” ليس في جنوب نهر الليطاني فحسب، بل في كل لبنان وصولا الى الحدود اللبنانية- السورية، أيضا.
وهذا تجاوز مقصود، لأنّ قاسم إن أنكر الحقيقة أعاد حربًا لا يملك مقوّمات مواصلتها، وإن اعترف بالحقيقة، لن يمكنه أبدًا أن يحدّثنا عن “الإنتصار الكبير”!
وهو لم يشر، ولو بكلمة عابرة، الى أسباب موافقة “حزب الله” على اتفاق مماثل. اتفاق لا يعطي إسرائيل حرية الحركة، حتى إشعار آخر في لبنان، فحسب بل يعهد بمستقبل هذا البلد العسكري الى الولايات المتحدة الأميركية، أيضًا!
تجاوز كل ذلك ليتحدث عن انتصار كبير أكبر من انتصار العام 2006.
[هذه الإفتتاحية بمعطيات متطابقة بالصوت والصورة( إنقر/ي هنا)
في الواقع، بين ما يحصل في الميدان وما يقال عن النتائج، بهدل “حزب الله” مفهوم الإنتصار!
وبالفعل، وهذا ما سبق لنا أن ذكرناه سابقا، ضمّ الشيخ نعيم قاسم رسميا “حزب الله” الى قائمة الأنظمة العربية التي سبق أن وصفها بالبائدة، فقال: إنتصرنا لأننا منعنا العدو من تدمير حزب الله!
استعاد الكلام نفسه لتلك الأنظمة البائدة التي نظمت احتفالا للإنتصار في دمشق بعد حرب العام 1967 تحت عنوان: خسرنا بعض الأرض لكنّ النظام بقي!
[[هذه الإفتتاحية بمعطيات متطابقة بالصوت والصورة( إنقر/ي هنا)
ولم يفت قاسم أن يذكر فلسطين، فبعد الذهاب الى حرب لم يكن الحزب يريدها، قال، وبعد التسبب بتدمير لبنان وقتل وجرح الآلاف من شعبه، تذكر أنّ هناك طرقا مختلفة لدعم تحرير فلسطين. هذا بالتحديد ما قيل لحزب الله منذ الثامن من تشرين الأول 2023، فكان يسخر من محذريه ومن ناصحيه، مصرًّا على أنّ إسرائيل لا تفهم إلّا لغة القوة. هذه القوة التي، وبعدما اضطر “حزب الله” على الموافقة على اتفاق الإذعان، أقرّ بأنّ لها بدائل، تتوافق مع عدم الذهاب الى الحرب!
كان الأجدى لو بقي نعيم قاسم صامتًا، لأنّه حين تكلّم أفهم الجميع حقيقة مرة، وهي أنّ “حزب الله” لا يزال مصرًّا على خداع ناسه. هو لا يخدع نفسه، لأنّه وافق على وقف النار، بشروط مذلة، ولكنه يخدع هؤلاء الذين ضحوا بأنفسهم وأولادهم وأطفالهم وأمهاتهم وشبابهم ومنازلهم وقراهم وبلداتهم، وعافيتهم وعافية وطنهم!
إنّ بناء الأوطان يُبنى على الحقيقة. “حزب الله” يصر على أن يبقيه تحت رماد الخديعة!
هنيئًا لمن سوف يتعاون مع هكذا حزب لإعادة بناء لبنان!