"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

الحرب في لبنان ليست مجرد تهويل

علي حمادة
الأحد، 28 يناير 2024

الحرب في لبنان ليست مجرد تهويل

علي حماده

اذا انفجرت حرب بين “حزب الله” وإسرائيل، ستكون قاسية جدا. ثمة إجماع من المراقبين على انّها ستكون مدمرة للغاية. فالطرفان يمتلكان قدرات عسكرية كبيرة وشديدة الأذى وقادرة على إلحاق أضرار كبيرة بالخصم. في هذا السياق نحن نعرف ان “حزب الله” يمتلك قدرات صاروخية كبيرة جدا مقارنة بباقي الفصائل الإيرانية في العراق او اليمن. هذه القدرات معروفة من قبل إسرائيل والقوى الغربية الكبرى. يحكى عن أكثر من ١٠٠ الف صاروخ متنوع بأقل تقدير، بينها ما يقارب ٥آلاف صاروخ دقيق، إضافة الى قدرات تكتيكية للقيام بهجمات خلف الحدود اللبنانية الى منطقة الجليل الأعلى. في المقابل لا حاجة لنا للتذكير بقدرات إسرائيل العسكرية والتدميرية، فالتفوّق الجوّي حاسم، والتفوّق التكنولوجي حاسم أيضا. والدعم الغربي لاسيما الأميركي سيكون على الموعد، وخصوصًا أنّ “حزب الله” هو الطرف الذي بادر في ٨ تشرين الأول- أكتوبر الماضي الى تسخين الجبهة مع إسرائيل بمناوشات عسكرية سرعان ما تحوّلت الى اشتباكات عنيفة وحرب استنزاف للجيش الإسرائيلي على الجبهة الشمالية، وبالتالي فإن “حزب الله” مشمول بالتهديد الأميركي الاستراتيجي القائل انه اذا تدخل طرف ثالث في حرب غزة ضد إسرائيل، سيجد امامه الولايات المتحدة.

طبعًا لم تؤثر حرب الاستنزاف من لبنان على مسار العمليات العسكرية في قطاع غزة. استمرت الحرب، وتوسعت التوغلات البرية الإسرائيلية في كل اتجاه. ومن الناحية العملية يمكن القول ان الجيش الإسرائيلي وعلى الرغم من انه تعرض لخسائر فادحة في الحرب، وقد جوبه ولا يزال حتى اليوم بمقاومة عنيفة جدا من قبل حركة “حماس” والفصائل الأخرى، فإن مآل حربه النهائي واضح. فالقطاع سيسقط وان بقيت داخله جيوب مقاومة منتشرة بين الشمال والوسط والجنوب. انما من الناحية الاستراتيجية فقطاع غزة سيسقط عسكريًّا، وسيكون بوسع الإسرائيليين ان يغيّروا خلال الأسابيع المقبلة تكتيكهم العسكري. فستتراجع الضربات الجوية العنيفة والمدمرة لتحل مكانها بشكل عام عمليات “جراحية” لاستهداف الجيوب المقاومة. بمعنى آخر ستصبح الحرب منخفضة الوتيرة مقارنة بالحرب في الأشهر الأربعة الأولى. وأي حل سياسي لإنهاء الحرب بالكامل سيتضمن بين بنوده مسألة اخراج قيادة “حماس” من القطاع وتشكيل حكومة “مهمة” غير سياسية تطوي صفحة حكم “حماس” في القطاع.

إن “حزب الله” مشمول بالتهديد الأميركي الاستراتيجي القائل انه اذا تدخل طرف ثالث في حرب غزة ضد إسرائيل، سيجد امامه الولايات المتحدة

لكن ما يهمنا في هذا المقال هو جبهة لبنان مع إسرائيل التي تشهد ارتفاعًا مضطردًا في عنف المواجهات بين “حزب الله” وإسرائيل. وفي الأيام القليلة الماضية رفع الحزب المذكور مستوى الأسلحة التي يستخدمها كالصواريخ ذات القدرات التدميرية الأكبر، او الأسلحة الصاروخية الدقيقة الموجهة نحو البلدات والمواقع الإسرائيلية على عمق ٥ كيلومترات من الحدود. وكان سبق للإسرائيليين ان رفعوا من مستوى عنف الضربات ضد “حزب الله”. وتمكنوا من اصطياد العديد من قيادات الحزب ومقاتليه خارج مسرح العمليات المباشرة، ودمروا مربعات سكنية في القرى الحدودية. وتزيد أعداد المنازل التي دمرت بشكل كامل على المئتين، ومعها اكثر من ٦ آلاف منزل تضرر. والأهم ان مستوى النزوح من المناطق اللبنانية في الجنوب تجاوز ال١٠٠ الف شخص.

ما تقدم يمثل جزءًا من الاضرار المباشرة للمناوشات بين “حزب الله” وإسرائيل. فما بالكم لو اشتعلت حرب مفتوحة؟ بالتأكيد سيكون الامر اكثر دراماتيكية. وخصوصا ان إسرائيل تعرف ماهية قدرات “حزب الله”. وهدفها المعلن هو اخراج قوات الحزب المذكور من منطقة عمليات القوات الدولية “اليونيفيل” حتى عمق ٤٠ كيلومترا من الحدود المشتركة مع لبنان. لكن العنصر الذي يقلق المراقبين اليوم هو ارتفاع منسوب ضخ المعلومات من إسرائيل، حول الاستعدادات التي يقوم بها الجيش الاسرائيلي على الجبهة الشمالية. وبالفعل بدأت الصحافة الإسرائيلية من بينها صحيفة معاريف في الترويج لقرب اعلان إسرائيل الحرب على “حزب الله”. والسبب في ذلك ان “حزب الله” اعطاها كل الذرائع لشن حرب لتغيير الواقع على الحدود الشمالية. إضافة الى ان جزءا من المستوى السياسي الإسرائيلي معني بتوسيع الحرب نحو الشمال، بما يفسح للجيش المجال لمواصلة العملية البرية في غزة بحرية اكبر، وبعيدا عن الأضواء، لأن غبار الحرب مع “حزب الله” سيحجبها بشكل كبير.

خلاصة القول ان فصول حرب غزة لم تنته بعد. وكل الأنظار شاخصة الآن نحو لبنان.

المقال السابق
مسيّرة إسرائيليّة تستهدف مؤسسة تجارية في طيرحرفا

علي حمادة

كاتب ومحلّل سياسي

مقالات ذات صلة

"إصلاحيّو" إيران يقومون بحملة تشجيع للناخبين من أجل إسقاط "ظل المرشد" وشعارهم: جحيم أقل استعارًا!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية