هناك ثلاثة مواضيع في لبنان.
الأوّل خاص بالطبقة السياسية ولا تشاركهم به الفئات الشعبية: انتخاب رئيس جديد للجمهورية وربطًا به نهج الموفد الفرنسي جان ايف لودريان.
غالبية الفئات الشعبية لا طاقة لها على هذا الموضوع، فهو بالنسبة لها مجرّد…هراء سياسي!
الموضوع الثاني، هو خاص بالحريات العامة، حيث يتمحور “التنازع”، وفق مفهوم العامة، حول مسألة واحدة: المثلية الجنسية!
الفئات الشعبية تكتفي في النقاش بموقف ايجابي او سلبي من المثليين الجنسيين. عمومًا، المتديّنون جدًّا والعلمانيّون جدًّا يفعلون ذلك. الغالبية تكتفي بهز الرؤوس، على قاعدة: والله ما أفضى بالكم!
الموضوع الثالث، له شعبية كاسحة في لبنان: القلق من الغد!
القلق من الغد، هو محور اهتمام الفئات الشعبية، وهي تتحدث عنه قبل الفطور وبعد الغداء وأثناء العشاء.
القلق من الغد يتمحور حول الرعب الذي تبثه في الفئات الشعبية وسائل الاعلام التقليدية والالكترونية، لأسباب موضوعية حينًا ولأسباب “أنانيّة” أحيانًا.
ومن نماذج من هذا القلق الذي ينغص أيّام اللبنانيين، يمكن التوقف عند أربعة:
١- غياب الكهرباء يغُضب، ولكنّ “تشريفها” لا يطمئن بفعل ما بدأت تُظهره “الفواتير” من مبالغ لا تتناسب أبدًا مع المداخيل.
٢- الكلام على إمكان اختفاء أدوية من الصيدليات والمستشفيات، والاعتقاد بأنّ ذلك يمهّد لرفع جنوني في الاسعار.
٣- امكان انقطاع القمح عن لبنان، وهذا يعني امكان ان تصبح لقمة الفقير امتيازًا للأثرياء الذين ملأوا فضاء الصيف اللبناني!
٤- الحديث المتزايد عن انقطاع المياه عن المنازل.
مشكلة اللبنانيّين الأساسيّة لا تكمن في وجود أسباب حقيقية للقلق على غدهم، بل في غياب هذه الاهتمامات عن قائمة الطبقة السياسية والنخب، بحيث يهتم هؤلاء بأمور كثيرة تصلح لأزمنة الترف ويُهمِلون الأمر الوحيد الذي لا بدّ من بذل الجهود الجبارة من أجله، وهو توفير لقمة كريمة للشعب الذي أصبح لقمة…سائغة!