"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

الحقيقة التي تخفيها "مدمنات الشهرة": نمو كبير في شريحة النساء الرافضات للأمومة!

كريستين نمر
الخميس، 13 أبريل 2023

على الرغم من أنّ صور النجمات وأولادهن البيولوجيين أو أبنائهنّ بالتبنّي، تتصدّر وسائل التواصل الاجتماعي، بحيث يجعلنك تعتقد أن فرحتهنّ بالأمومة تأتي قبل نجاحاتهنّ في صناعة الشهرة، إلّا أنّ الوقائع اليوميّة تظهر، بوضوح، نموًا غير مسبوق، في الشريحة النسائية التي ترفض فكرة الأمومة، وتعملن على أن يبقين من دون أبناء!

لماذا؟

في مقال لاذع بعنوان “No Kid” كشفت كورين ماير Corine Maier وهي أمّ أيضًا، عن أربعين سببًا تمنع المرأة من البوح بعدم رغبتها بالإنجاب بحيث كتبت: “إنّ إنجاب طفل هو أفضل طريقة لتجنّب طرح السؤال عن معنى الحياة.. إنه بديل رائع للسعي الوجودي”…

Corinne-Maier-14-11 07

                كورين مايير

حتى الكاتبة والفيلسوفة الوجودية سيمون دو بوفوار اعترفت أنّها لم تكن تجرؤ على الإفصاح عن عدم رغبتها بالإنجاب، كون “الطفل هو الغاية الأسمى للمرأة”، كما قالت.

لكن، لماذا خيار عدم الإنجاب؟ هل هو تشكيك بفضائل الأمومة وانتقاص من دورها، أو من أجل تعميم هذه الرغبة وجعلها أكثر قبولًا، أو بسبب الأنانية والرغبة الجامحة في النجاح المهني، بمعنى حياتي أنا أولاً؟ أو بهدف حماية كوكب الأرض؟ أو بسبب الخوف من الارتباط بشخص لا تعرف إذا كان سيكون الأب المناسب لطفلها المحتمل؟

الاستقلالية أولًا

غالبًا ما يكون رفض الأمومة لدى المرأة مصحوبًا بالاستقلالية، كما توضح الصحافية إميلي ديفيين Emilie Dévienne في كتابها “أن تكوني امرأة من دون أن تكوني أمّاً” وتعتبر أنّ خيار عدم الإنجاب هو حرية في ما يتعلق بالالتزام، أي “الحرية في أن يكون المرء وحيدًا عندما يرغب، والحرية في عدم تكوين أسرة إذا كان لا يريد ذلك”.

وهذا يعني أن خيار عدم الأمومة لا يتعلّق فقط بالحرية العاطفية، إنما بالحرية الفكرية أيضًا، وتقول Dévienne: “النساء اللواتي لا يرغبن في الانجاب يردن أكثر من أي شيء، اتخاذ قراراتهن بمعزل عن الآخرين”.

71974

                       إميلي ديفيين

لكن، هل حقًا لديهن الخيار؟ أليست الرغبة في الأمومة إرثًا تحمله الفتاة منذ نعومة أظافرها، تجسّد فيه جانبًا من تاريخ العائلة وانتقالها؟

هذا بالفعل ما اكتشفته الطبيبة النفسية جينيفيف سيري Geneviève Serre في دراسة بعنوان “نساء بلا ظلّ أو الدَيْن المستحيل”، قامت خلالها بإجراء مقابلات مع نساء اخترن عدم الإنجاب، بحيث لاحظت عددًا من النقاط المشتركة بينهن، وتقول: “في جميع الحالات، كانت الأم إما غائبة جدًا، أو شديدة التعلّق وذات شخصية خانقة، كما كان لديهن شعور، أن إنجاب طفل هو شيء مفروض بشكل أو بآخر”، وتعتقد Serre بأنّ قرارهن قد يكون للانتقام لأمهاتهن اللواتي لم يتجرأن على تبنّي فكرة عدم الانجاب ورفضها”، كما لاحظت افتقارهن للشعور “بالدَيْن وضرورة ايفائه”.

وتقول إحدى السيدات: “ما إن أتخيّل نفسي أمًا حتى تعود إليّ صورة أمي المليئة بالتضحيات، الحزينة وغير الراضية، وترسخّت هذه القناعة لديّ عندما أصبحت أخواتي أمهات، فهنّ على صورة أمي… قدري ليس هناك… أريد أن أعيش شيئًا آخر غير حياة الحبس… لديّ العالم لأكتشفه… وهناك أشياء أخرى يجب القيام بها في الحياة غير إنجاب الأطفال “.

هل للأب دور في عدم رغبة المرأة في الانجاب؟

في الدراسة التي أجرتها Serre أجمعت جميع المشاركات على وصف أبائهن، بصفات مثل: ناقص، عنيف أو حتى قريب جدًا، وتقول: “يمكننا أن نفترض أن هؤلاء النساء، اللواتي شابت علاقتهن بالأم عدم الرضا وانعدام الأمن، استثمرن أكثر في والدهن، لكن الأب المثالي، قد فشل أيضًا …”

الخوف من التعلق

تقول إحدى السيدات: “أريد أن أكون حرة في فك الارتباط متى أردت، لكن أن أنفصل عن ابنتي أو ابني فسيكون ذلك فظيعًا”.

وترى Geneviève Serre إنّ “عدم إنجاب طفل يعني أيضًا حماية النفس من خسارة محتملة، فجميعهن خائفات من عمق الألم الذي قد يلحق بهن في حال فقدانهن لطفلهن.

وعلى الرغم من أنّ تلك الشريحة من السيدات، غالبًا ما تكون متصالحة لدرجة كبيرة مع أجسادها وباستطاعتها إقامة علاقات أسهل من غيرها، إلا أنها نادرًا ما ترغب بالزواج إنما تفضّل إقامة علاقات ولكن عن بعد، مما يؤكد خوفهن من الارتباط.

وتروي أخرى: ” في البداية، اعتقدت أن قراري بعدم الانجاب، كان بسبب الخوف من الولادة أو الحمل، لكن المسؤوليات تعيدني إلى طفولتي، إلى النموذج الأبوي، لقد عشت طفولة رائعة، مع أم حاضرة للغاية، ربما أكثر من اللازم، وأب محبّ، لكنني كنت أسعى بشكل دائم إلى الحرّية، وإلى اتخاذ جميع قراراتي بمفردي. في الثالثة والعشرين من عمري، تركت شرنقة العائلة، ومكثت في شقة مع صديق لي، لكن مسألة إنجاب طفل أثيرت وانفصلت لأترك له الحرية في أن يكون له طفل مع امرأة أخرى. لم أرغب أبدا في الزواج، أن أكون مرتبطة بلا زواج نعم، إنما من دون الشعور بأنني مقيّدة بأي شيء… تخيّلت نفسي في دور الأم مع كل “الملذّات” التي تنطوي عليها، تخيلت طفلي بين ذراعيّ وهو يقول لي أحبك يا أمي … لكنني ما لبثت أن تخيّلت أنه يجب عليّ أن أكون حاضرة على مدى ٢٤ساعة في اليوم، ما اعتبره مهمة مستحيلة بالنسبة لي… إلى جانب ذلك، شعرت وكأنني أستعيد حياة طفولتي وأعود بالزمن إلى الوراء، فأنا لا أريد ذلك… أريد المضي قدمًا…قد أكون أنانية، لكنني أجد أن الأنانية هي في أن يكون لدي طفل بأي ثمن وأعلم أنني غير قادرة على تلبية احتياجاته… كوني امرأة لا يعني بالضرورة أن أكون أمّاً”.

Elles-ne-veulent-pas-etre-meres-2

               جنفياف سير

لكن ما “يذهل” تقول Serre هو الغياب التام لوجود “الرجل الحبيب” عندما يتكلّمن عن الأمومة، وتضيف: “يبدو وكأن الأمر محصور بين الأم والطفل، يرفضن الاعتقاد بأن الطفل هو نتيجة علاقة بين شخصين وأنه يمكن أن يكون للآخر دور أساسي في صقل شخصيته وتربيته ونشأته وحمايته، فهنّ يعتقدن أن هذا الطفل الصغير لا يمكن إلا أن يكون تكرارًا لأنفسهن، وجزءا منهن يستحيل الانفصال عنه”.

وتبقى الاستقلالية المالية، التي هي الركن الأساسي من أركان الحريّة، الدافع الأول وراء قرار تلك الفئة من السيدات بعدم الانجاب، هذا إضافة إلى تمتعهنّ بنوع آخر من الإبداع ألا وهو الإبداع الفكري الذي له طريقته المميّزة بالتوليد والإرسال.

المقال السابق
طالبه ب ٥٠٠ مليون دولار: ترامب يقاضي محاميه السابق
كريستين نمر

كريستين نمر

محرّرة وكاتبة

مقالات ذات صلة

دعمًا لضحايا الحروب.. ريما طويل تخرق جدار الصمت بحفل أوبرالي في "لا مادلين" الباريسية

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية