طلب “حزب الله” من الحكومة اللبنانيّة أن تعوّض على أبناء الجنوب الذين تضرروا (وسوف يتضررون) من الحرب التي فتحها ضد إسرائيل “دعمًا لغزة”.
من حيث المبدأ، يقع طلب “حزب الله” في مكانه الصحيح، فالحكومة اللبنانيّة مسؤولة عن أبناء الجنوب وممتلكاتهم، وصد العدو الإسرائيلي إذا اعتدى!
من الطبيعي أن توافق الحكومة على طلب “حزب الله” هذا، ولكن على قاعدة استعادتها للقرار على امتداد الجبهة الجنوبيّة، بحيث يلتزم هذا الحزب بالإرادة المشتركة لكل من قيادتي الجيش اللبناني واليونيفيل، صاحبي الكلمة السياديّة في جنوب لبنان، وفق مستلزمات القرار 1701.
ولكن، للأسف لا علاقة للواقع بالمبدأ، إذ إنّ الواقع يُثبت بأن ّ “حزب الله” لا يكترث لا بالحكومة ولا بالجيش ولا باليونيفيل، ويعمل على تحويل الجميع الى أدوات مساندة عنده.
إنّ المواجهات المستمرة في جنوب لبنان، منذ الثامن من تشرين الأوّل الماضي، تُعرّي لبنان، بمفهوم القانون الدولي، ففي هذه العمليات لا يمارس “حزب الله” أعمال مقاومة بل يقوم بعمليات هجوميّة لأسباب لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بأيّ هدف سيادي لبناني، بل هي مرتبطة ارتباطًا مباشرًا بتعهدات سبق أن قطعها هذا الحزب، خارج سياق الدستور والقوانين، ل”حركة حماس” بمساندتها، في إطار “تلاحم الساحات”، في أيّ حرب مع إسرائيل.
وفي ذلك لا يخبّئ “حزب الله” أهدافه بل يعلنها، ليلًا نهارًا، على عكس الحكومة اللبنانيّة التي تؤكد، في السر، عجزها عن ضبط “حزب الله” وتشكو، في العلن، عدوانًا إسرائيليًّا.
نحن لن نماشي “خبث” الحكومة اللبنانيّة التي، بسلوكها الهادف الى حفظ مصالح أفرقائها يتقدمهم رئيسها، تقود لبنان الى خراب كبير قد يماثل، في لحظة لا يمكن التنبؤ بها مسبقًا، ذاك الخراب الذي تعاني منه غزّة وشعبها.
قد يكون لدى غزة ومقاتليها وشعبها ما يضحّون من أجله، إذ إنّهم يسعون الى قيام دولة قابلة للحياة، ولكن ليس للبنان إلّا ما يخسره من هذه الحرب، بحيث يزيد انهياره انهيارًا وخرابه خرابًا ويأس شعبه يأسًا.