"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

الحكم على مارين لوبان ونظريات اللبناني التآمرية!

كريستين نمر
الثلاثاء، 1 أبريل 2025

الحكم على مارين لوبان ونظريات اللبناني التآمرية!

يعتقد بعض اللبنانيين المقيمين في فرنسا أن القانون الفرنسي يُطبّق على الطريقة اللبنانية، فيفرزون السياسيين بناءً على هذا الأساس، وهذا ما حدث الإثنين مع صدور الحكم القضائي بحق زعيمة التجمّع الوطني، مارين لوبان، وإدانتها بالاختلاس ومنعها من الترشّح لأي منصب في الدولة، حيث تعاطى الكثير من اللبنانيين في فرنسا مع القرار الصادر بحق لوبان وفقًا للمنطق التآمري.

للأسف هذه هي الثقافة التي ترافق اللبناني أينما حلّ في أي بلد في العالم، فكيف يمكننا اقناعه بأنّ المسألة قانونية بامتياز ولا علاقة لها لا بالمؤامرات أو بالدسائس أو الغيرة وأهم شيء لا علاقة لها بديانة أو مذهب أو طائفة المذنب؟

طبعًا، قد يكون سلوك اللبناني هذا مرتبط بالعقلية التي تعتقد أنّ المساس بالزعيم يُعدّ مساسًا بالذات الإلهية، كيف لا وهو الذي اعتاد بناء قوته على الأوهام والصور المصطنعة وعلى الأضاليل، تمامًا كما يتمّ الترويج حاليًا لمعادلة أن “حزب الله” انتصر على إسرائيل وأن إزالتها عن الخارطة على قاب قوسين أو أدنى.

قد يظن البعض أن هذه الظاهرة مقتصرة على مجتمعاتنا، إذ يرى البعض أن تعاطف اللبنانيين مع لوبان نابع من معاناة الشعب اللبناني من المؤامرات والمحسوبيات والتدخلات والفساد المستشري في الدولة منذ عقود، إلا أن هذه التفسيرات قد تكون فضفاضة وهشّة إلى حد ما، كونها موجودة في جميع أنحاء العالم، وإن اختلفت درجاتها وأشكالها حسب السياق الزمني والمكاني، فمثلًا عندما اقتحمت الحشود الغاضبة من مؤيّدي الرئيس الأميركي دونالد ترامب مبنى الكابيتول في واشنطن في 6 كانون الثاني / يناير 2021، كان يحرّكها الاعتقاد بوجود مؤامرة سَرقت منها نتائج الانتخابات الرئاسية، كما أن عددًا كبيرًا من الأشخاص لا يزال يعتقد بأنّ لقاح كورونا هو مؤامرة للسيطرة على العقول.

ربط علماء النفس والاجتماع ظاهرة “التفكير التآمري” بالأزمات الاجتماعية، فمن الطبيعي، عندما ينتاب المرء شعورٌ بالضيق، أو القلق، أو الخوف، أو الغضب أن يركّز على واقعه المادّي والاجتماعي ويحاول فهمه، إذ يسهم ذلك في بقائه على قيد الحياة، فكلما زادت قدرته على فهم التّهديدات وأسبابها زاد استعداده للتصدّي لها.

إلا أن تيارًا آخر رفض الامتثال إلى هذا التفسير، وربط الفكر التآمري بوجود مجموعات اجتماعية معادية وضارّة تسوّق له، إذ عادة ما تُصاغ نظريّات المؤامرة في سرديّة غايتها شيطنة مجموعات أخرى واتّهامها بالتخطيط لأعمال إجرامية وتدميرية، فتتحوّل إلى عدو يشرّع استهدافه والنيل منه.

مما لاشكّ فيه أنّ نظريات المؤامرة قد تساعد، على المدى القصير، في التصدّي للخطر المحدق بنا، إلا أنها في الوقت ذاته، تساهم في شحن النفوس بالكراهية والحقد، فتحوّلنا إلى قنابل للثأر والانتقام من “المتآمر” الوهمي، وتعزز نهج الصراع والمواجهة على حساب معركة البناء والتنمية، لأن هناك فرقا كبيرا، بطبيعة الحال، بين الوهم والمنطق.

المقال السابق
غارة اغتيالية على الضاحية وبيان إسرائيلي "يشرح" ورئيس الجمهورية يندد ويتحرك
كريستين نمر

كريستين نمر

محرّرة وكاتبة

مقالات ذات صلة

للسنة الثانية على التوالي.. رفعت الأسد نجم كذبة أول نيسان

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية