أشارت دراسة إلى أن الأشخاص الذين عانوا “العين الكسولة” في طفولتهم قد يكونوا أكثر عرضة لأخطار الإصابة بأمراض مثل السكري وأمراض القلب، وغيرها من الحالات الصحية الخطرة في مراحل لاحقة من حياتهم.
ويفيد تحليل لبيانات تعود لأكثر من 126 ألف شخص بالغ في المملكة المتحدة بأن أولئك الذين شخصوا بالحول (الغمش) في مرحلة الطفولة كانوا أكثر عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم والسمنة عندما يكبرون.
وكتب الباحثون، إن النتائج التي نشرت في مجلة “إي كلينيكال ميديسن” EClinicalMedicine، لا تظهر “علاقة سببية” بين الحول واعتلال الصحة، لكنهم أضافوا أن الأطفال الذين يعانون هذه الحالة قد يحتاجون إلى دافع إضافي لاتباع نمط حياة صحي.
“الحول هو اضطراب بصري يؤثر في أربعة من كل 100 طفل”، وفقاً للبروفيسورة جوجنو راهي، من “كلية لندن الجامعية” UCL لطب العيون ومستشفى “جريت أورموند ستريت” Great Ormond Street، التي توضح قائلة “في المملكة المتحدة، يجب فحص نظر الأطفال دون سن الخامسة، لضمانة تشخيص سريع والحصول على العلاج البصري المناسب”.
وأضافت “نادراً ما تحمل الطفولة علامات مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بأمراض خطرة في سن البلوغ، وأيضاً لا يوجد إلا قليل من العلامات التي يمكن قياسها ومعرفتها لكل طفل، وهذا بفضل الفحص الشامل للسكان”.
وأوضحت “قد يرغب الأطفال المتأثرون وأسرهم في اعتبار نتائجنا حافزاً للسعي نحو أسلوب حياة صحي منذ الصغر”.
ويعتبر الحول، واسمه الغمش أيضاً، اضطراب التطور التعصبي الذي يؤدي إلى عدم تطور الرؤية في إحدى العينين بشكل صحيح بسبب عدم قدرة الدماغ على معالجة الإشارات البصرية بشكل سليم في العين المتضررة.
ويعتقد أن ما يصل إلى أربعة في المئة من الأطفال على مستوى العالم مصابون بضعف النظر.
وفي المملكة المتحدة، يبدأ العلاج عادة قبل سن السابعة، وهو ما قد يسهم في بعض من الأحيان في تحسين الرؤية في العين الضعيفة.
ولإجراء الدراسة، قام الباحثون بتحليل بيانات صحية لـ126399 شخصاً، في الفئة العمرية بين 40 و69 سنة، في قاعدة البيانات البريطانية UK Biobank، وهي قاعدة بيانات تحتوي على سجلات طبية ونمط حياة لأكثر من نصف مليون شخص. وأظهرت الدراسة أن الأشخاص الذين أبلغوا عن معاناتهم من العين الكسولة في الطفولة بلغ عددهم 3238 شخصاً، وأن أكثر من أربعة أشخاص من كل خمسة يعانون انخفاضاً مستمراً في الرؤية في عين واحدة في مرحلة البلوغ. وكانت النتائج أن الأشخاص الذين كانوا يعانون هذه الحالة في طفولتهم كانت لديهم احتمالات أعلى بنسبة 29 في المئة للإصابة بمرض السكري، و25 في المئة في ارتفاع ضغط الدم، و16 في المئة في زيادة الوزن في مرحلة متقدمة من حياتهم.
وأكد الفريق أيضاً أن هؤلاء كانوا عرضة لخطر زيادة الإصابة بنوبة قلبية - حتى عندما تمت مراعاة العوامل الأخرى المرتبطة بهذه الحالات، مثل الطب قة الاجتماعية والعرق والأمراض الأخرى.
وأضافوا أنه رصدت مشكلات صحية أيضاً لدى الأشخاص الذين كانوا يعانون الغمش في الطفولة ثم استعادوا رؤيتهم، على رغم أن الارتباط لم يكن قوياً بالقدر نفسه.
ومن جانبه، قال الدكتور سيغفريد فاغنر، من معهد جامعة لندن لطب العيون و “مستشفى عيون مورفيلدز” Moorfields Eye Hospital ” تعتبر الرؤية والعيون حراساً لصحة الجسم بشكل عام - سواء كان الأمر يتعلق بأمراض القلب أو اضطرابات الأيض، فهي ترتبط بشكل وثيق مع أنظمة الأعضاء الأخرى. وهذا يؤكد أهمية فحص الرؤية بشكل دقيق في كلتا العينين”، مضيفاً “ونؤكد أن بحثنا لا يظهر علاقة سببية بين ضعف النظر والأمراض الصحية في سن البلوغ”.
واستطرد “ويشير بحثنا إلى أن متوسط البالغين الذين كانوا يعانون ضعف النظر في طفولتهم، أكثر احتمالاً للإصابة بالاضطرابات مقارنة بالبالغ الذي لم يكن يعاني الحول”.
وأوضح “لا تعني النتائج أن كل طفل يعاني الحول سيواجه بالضرورة اضطرابات القلب والأوعية الدموية والأيضية عند بلوغه”.
وفي تعليقها على البحث، قالت بونام باتيل، مديرة خدمات معلومات صحة العين في “المعهد الوطني الملكي للمكفوفين”Royal National Institute of Blind People (RNIB)، “هذا البحث يمثل فرصة لتسليط الضوء على أهمية الفحوص ال بصرية وفحوص النظر لدى الأطفال، إذ يعزز من ضرورة الكشف المبكر عن الأخطاء الانكسارية والحول لدى من هم دون سن الخامسة”. مضيفة “كما أن الفحص المبكر لضعف النظر يسهم في ضمان تلقي العلاج في الوقت المناسب وتقليل الأثر الذي يمكن أن يكون له في البصر”.
وأشارت إلى أنه “يجب توفير فحوص نظر في جميع المناطق لجميع الأطفال عند بدء المدرسة في سن الأربعة إلى الخمسة، على رغم عدم إتاحتها بشكل كامل في بعض المناطق حالياً”.
وأكدت “من المهم أيضاً أن يخضع الأطفال لفحوص النظر المنتظمة مع أخصائي البصريات، وخصوصاً إذا كان هناك تاريخ عائلي لأخطاء الانكسار أو التشوه البصري، أو ضعف النظر”.