"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

الدراما في قصر صانع التراجيديا السوريّة!

كريستين نمر
الأربعاء، 13 مارس 2024

الدراما في قصر صانع التراجيديا السوريّة!

كثيرة هي الانتقادات والمآخذ التي وجهت إلى مجموعة من ممثلي ومخرجي الدراما السورية الذين زاروا عشية حلول شهر رمضان المبارك رئيس النظام الأسد السوري بشار الأسد، بظروف لم يتم توضيحها، إذ لم يُعرف إذا كان هؤلاء قد طلبوا اللقاء بأنفسهم أم أنّه، عشية الذكرى السنوية الثالثة عشرة لاندلاع الثورة السورية التي تصادف هذا العام مع حلول شهر رمضان، الذي هو شهر الدراما التلفزيونية، قد جرى استدعاؤهم.

ففي حين وقفت نخبة من الفنانين السوريين ضدّ ما ارتكبه ويرتكبه النظام السوري منذ العام ٢٠١١ من موبقات، بكلّ ما كبّدهم ذلك من اعتقال وتهديد وحملات تشهير ونفي وقطع أرزاق، تبنّى آخرون مواقف مساندة للنظام إما اقتناعًا أو خوفًا.

وكما يقال في العامية ” العتب على قدر المحبّة”، قد يكون هذا ما حصل بالتحديد مع فناني الأمس، فهم يتمتعون بشعبية واسعة على نطاق العالم العربي بشكل عام، واللبناني بشكل خاص، كما كان لهم بالتعاون مع ممثلين ومنتجين لبنانيين الفضل الأول في وضع لبنان في مصافي البلدان المهمة على نطاق الدراما.

وطبعًا، من الصعب تقييم خطوتهم الأسديّة هذه بصورة مجردة خصوصًا أن الفيلم الذي وزعه الأسد يحتوي على موسيقى وابتسامات لا غير، فلا عرف الناس ما قالوه ولا اطلعوا على ما قاله “المضيف”!

وثمة من يعتقد بأن هؤلاء قد يكونون في طور استرضاء نظام يضع يده على رأس المال الإنتاجي، اذ من المعروف أنّ للنظام السوري علاقات متجذّرة مع شركات الإنتاج والقنوات التلفزيونية والسينمائية، وبالتالي أي مقاطعة من قبلهم للنظام قد تعني خسارة أعمالهم، وهذا ما حدث مع الكثير من الفنانين والممثلين الذين قرروا الانحياز للثورة السورية، فأصبحوا بلا عمل، في حين أنّ أقلية تعدّ على أصابع اليد الواحدة استطاعت المحافظة على موقعها على الساحة المهنيّة غصبا عن النظام السوري وبفضل ما كانوا قد راكموه من علاقات شخصية مع مموّلين مستقلين

ولكن من دون شك أن هذه الزيارة أثارت غضب المعارضين للنظام السوري، وهم ليسوا قلّة على الإطلاق.

وهؤلاء المعارضون، من حقّهم، بعدما تابعوا الأعمال الدراميّة لزوار الأسد، أن يسألوهم إذا كانوا قد أثاروا معه مواضيع الظلم والقهر والتعذيب والتفقير والتهجير التي جسّدوها ويجسّدونها في أعمالهم الفنيّة؟ وهل يعتبرون أن “البطولة الدرامية” يمكن أن تتوافق مع “الخنوع الواقعي”؟ وهل التخلّي عن المكاسب في التمثيل يستدعي اللهاث وراءها في اليوميّات؟

إنّ ممثلي ومنتجي ومخرجي الدراما لا يمكن أن يربحوا، مرتين: مرة ببيع العواطف التمثيلية، ومرة ببيع المبادئ عند عتبة واحد من أسوأ الطغاة الذين عرفهم العالم!

هل من يجرؤ على التوضيح أم أنّ “فخامة الجنرال” يُملئ الأفواه بالماء؟!

المقال السابق
رمضان و.. السمنة
كريستين نمر

كريستين نمر

محرّرة وكاتبة

مقالات ذات صلة

"مفترس في هارودز" وثائقي يتهم محمد الفايد باغتصاب موظفات وابتزازهن

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية