تستأثر التداعيات الوطنية لاستقواء “الثنائي الشيعي” على سائر اللبنانيّين باهتمام الداخل والخارج، ولكنّ قلّة نادرة تهتم بالإنعكاسات على البيئة الشعبية الشيعيّة التي يسمّيها “حزب الله” بالبيئة الحاضنة لما يصفه بأنّه “مقاومة”.
صحيح أنّ لنهج “الثنائي الشيعي” القائم على تفاهم بين “حزب الله” و”حركة أمل” أعقب “انتصارات” الحزب على الحركة في حروب دمويّة عدّة، تداعيات سياديّة وسياسّة واقتصاديّة خطرة لكنّ الصحيح أيضًا أنّ لهذا التفاهم انعكاساته المأساوية على أبناء الطائفة الشيعيّة عمومًا والقاطنين في مناطق نفوذ هذا الثنائي خصوصًا.
لا تعود هذه الإنعكاسات المأساويّة إلى نيّة مباشرة لدى “الثنائي الشي عي”، بل إلى تكتيك يعتمده لإحكام سيطرته على البيئة الشيعيّة، فهو، ومن أجل “ترييح سلبطته” ترك أكثر من ساحة تحت سيطرة “زعران” يوالونه ويلعبون لديه أدوار “المفاتيح”.
ولقد حمى “الثنائي” هؤلاء “الزعران” الذين يستعبدون الناس ويذلونهم ويستغلونهم وينغّصون عليهم الحياة، طويلًا حتى أصبحوا، بدورهم، أقوى من أجهزة الدولة عندما يستنجد بها “الثنائي” في محاولة لتبرئة نفسه من أفعالهم ويخفّف نقمة الناس عليهم، كلّما وصلت إلى ذروتها!
وينشط هؤلاء “الزعران” في كلّ ما هو ممنوع، فهم يتاجرون بالمخدرات والممنوعات والتهريب والسلاح وخلافه، وهم يطوّعون الناس بطرق متنوّعة تحفل بها الروايات الخاصة بالمافيات الإجراميّة.
لا يستطيع “الثنائي الشيعي” تبرئة نفسه من الأحوال التي أوصل إليها وضعية أكثر من منطقة يبسط سلطته فيها، حيث تدور معارك مسلّحة بين “العائلات” والعصابات والعشائر، حتى لو كرّس كل وسائله الدعائية من أجل ذلك، لأنّ “الناس شايفة وقاشعة” وهم يقولون وراء جدران منازلهم المغلقة في “الثنائي الشيعي” ما لم يقله مالك في الخمرة!
ولن تستطيع الدولة، حتى لو أجاز لها “الثنائي الشيعي” ذلك، أن تضع حدًّا للزعران لأنّ كل هذا يحتاج، بادئ ذي بدء، إلى أن يوقف هذا “الثنائي” مساره التهديمي للدولة، فهو، بعدما أمعن في كسر هيبتها، يكاد يُنهي وجودها، بحيث حوّلها، في سياق تكتيكه الشامل المطبّق في مناطق سيطرته والقائم على “تحالف السلاح والفساد”، إلى دولة فاشلة بكل المعايير!