"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

الأوّل من آب ليس عيدًا...بعد!

رئيس التحرير: فارس خشّان
الاثنين، 31 يوليو 2023

على الرغم من أنّ الجيش اللبناني لم يتمكّن على مرّ العقود من أن يلعب دور المنقذ الوطني، إذ في ظلّه وقعت حروب كبيرة وصغيرة، ومعارك وجودية واستيلاءات ميليشياوية، إلّا أنّه يظل بالنسبة للداخل والخارج مرجعيّة الأمان، ولهذا فقد كانت المؤسسة العسكرية، منذ وقع الإنهيار المالي والإقتصادي، محور اهتمام كبير، بحيث تنادت أكثر من دولة لتوفير ما تحتاج إليه من مقوّمات الصمود.

ووفق دبلوماسيّين وباحثين دوليّين فإنّ اهتمام “أصدقاء لبنان” بالجيش اللبناني يعني أنّ هناك قرارًا كبيرًا بإبعاد لبنان عن “الفوضى الكبرى”، من خلال تمكينه من ضبط “الفوضى الصغرى” !

ولا تتعاطى أيّ دولة، حتى أكثرها عداء لمحور الممانعة، مع الجيش اللبناني على أساس أنّه القوّة التي يتم تجهيزها لمواجهة “حزب الله” المسلّح وتنفيذ القرارات الدولية التي تنص على نزع سلاحه، بل إنّ الجميع ينظرون إليه على أساس أنّه القوة التي يجب أن تحفظ هيكل الدولة اللبنانية لتكون قادرة عند التمكن من ضخّ الحياة فيها مجددًا على لعب الوظائف السيادية المسندة إليه في الدستور والقوانين والأعراف.

وقد سعى كثيرون إلى إيجاد شرخ بين الجيش اللبناني والدول التي تدعمه، كالولايات المتحدة الأميركية، بسبب “تنسيقه” مع “حزب الله” الذي يظهر في بعض الأحيان كما لة كان رضوخًا من قيادة الجيش لإرادة قيادة “حزب الله”، إلّا أنّ هذه المحاولات، على الرغم من تكرارها، مُنيت بفشل ذريع، لأنّ لا أحد في مراكز القرار الدولي يريد للجيش أن يكون أداة في حرب أهلية طاحنة، حتى لو كانت منطلقاتها “نبيلة”. وقد نجحت قيادة الجيش، على مرّ العهود، في إقناع مراكز القرار بهذا التوجّه، وقدّمت ما يلزم من أدلّة على أنّها لا تصنع القرار السياسي في لبنان بل تخضع له، وتاليًا، فإذا كان هناك من مشكلة في “مدوّنة سلوك” المؤسسة العسكرية فعلاجها لا يكون مع “العسكر” بل مع “الحكّام”.

وقد نجح رئيس الجمهوريّة السابق العماد ميشال سليمان، في إرساء تفاهم مع المجتمع الدولي حول دور المؤسسة العسكريّة، الأمر الذي ثابر قائد الجيش الحالي العماد جوزف عون، على السير بهديه.

وبسبب هذا التفاهم خفتت ثقة “حزب الله” بقيادة الجيش اللبناني، تبعًا للفراق الذي حصل بينه وبين الرئيس سليمان، عندما شاء أن يفصل مصلحة لبنان العليا عن أجندة “حزب الله” التي عادت، وفي عهد الرئيس ميشال عون “الإندماجي” وأساءت إلى مصالح لبنان وعلاقاته مع عدد من الدول الأساسية يتقدّمها مجلس التعاون الخليجي عمومًا والمملكة العربية السعودية خصوصًا.

وتؤثّر محاولة الجيش “التعايش” مع “حزب الله” على سمعته الوطنية، فعلى الرغم من أنّ الأكثرية الساحقة تؤيّده، إلّا أنّها، في الوقت نفسه، لا تثق بقدرته على حمايتها من “حزب الله”، ولهذا، فالمؤسسة العسكرية، أصبحت في الوجدان الوطني “قوى أمن داخلي” أخرى، إذ إنّ “حزب الله” استولى على وظيفتها السياديّة الحدوديّة لمصلحته، فيما نشطت هي في توفير الأمن داخل الحدود.

وبسبب ضعف الوظيفة السيادية للجيش اللبناني، عادت بقوة الى الواجهة نغمة المطالبة بالفدرالية.

ولم يكن مقدّرًا لهذه النغمة أن تقوى، كما هي عليه حاليًا، لو أنّ الجيش اللبناني قادر على “احتكار السلاح” في البلاد.

ولم يكن ينقص موقع الجيش اللبناني في الوجدان الوطني، مع حلول عيده الذي يصادف اليوم، سوى نشوب اشتباكات عنيفة في مخيّم عين الحلوة، بتوقيت مريب إقليميًا، وبعز موسم الإصطياف، الأمر الذي يعيد طرح السؤال عن أسباب عدم احتكار القوات المسلّحة اللبنانية للسلاح في لبنان.

إنّ تجربة الجيش اللبناني فريدة من نوعها، فلا هو جيش وطني، بكل ما تحمل هذه العبارة من معاني، بسبب اضطراره للتعايش مع سلاح “حزب الله” واللاجئين الفلسطينيّين، ولا هو جيش الإنقلابات التي كانت لها ألف مناسبة وحجة، ولا هو جيش يمكن، في الوقت نفسه، الإستغناء عنه، على الرغم من أنّ أدواره الضامنة للسلم الأهلي مانعة للتغيير السياسي، إذ يتم إقحامه، برضاه أو رغمًا عنه، في الوقوف بوجه محاولات شعبية للتخلّص من الطبقة الحاكمة والمنظومة السياسيّة الداعمة لها، على الرغم من لصوصيّتها وتأثيراتها السلبية على الوحدة الوطنية والإستقرار العام.

ولأنّ الجيش اللبناني يحمل كلّ هذه الميزات المتناقضة، فإنّ المعارضة القوية التي تبديها بعض القوى السياسية ضد وصول قائد الجيش العماد جوزف عون الى رئاسة الجمهورية لا تقابلها حماسة زائدة للقوى الأخرى لتحقيق ذلك.

وفي مطلق الأحوال، فإنّ الجيش اللبناني، يبقى، على الرغم من مآخذ هذا أو ذاك، حاجة وطنية ملحّة، ولو كانت الأكثرية الساحقة تتطلّع الى اليوم الذي يصبح فيه هذا الجيش ضمانة سيادية حاسمة.

المقال السابق
ياباني ينفق 22 ألف دولار ليتحول إلى كلب
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

مستقبل لبنان بعهدة شيعته!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية