"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

الأطعمة "فائقة المعالجة" و... ضررها على الصحة

نيوزاليست
الثلاثاء، 6 يونيو 2023

ا

قبل عشرين عاما، لم يكن أحد قد سمع من قبل بمصطلح “الأطعمة فائقة المعالجة” - لكن حاليا، نصف الأطعمة التي يتناولها سكان المملكة المتحدة تندرج تحت هذه الفئة.

من الخبز البني المقطع إلى شرائح، إلى الوجبات الجاهزة إلى الأيس كريم، هذا النوع من الأطعمة ينطوي على مستويات مختلفة - ولكن غالبا عالية - من المعالجة الصناعية.

تقول البروفيسورة ماريون نِسل الخبيرة بسياسات الغذاء وأستاذة التغذية بجامعة نيويورك إن “الأطعمة فائقة المعالجة من بين أكثر الأطعمة التي يمكن أن تدر أرباحا على شركات الغذاء”.

ومع ازدياد استهلاكنا للأطعمة فائقة المعالجة - فالمملكة المتحدة واحدة من أكثر الدول استهلاكا لها في أوروبا - ترتفع معدلات الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري.

بعض الأكاديميين يرون أن الصلة ليست من قبيل المصادفة.

البروفيسور تيم سبكتر أستاذ علم الأوبئة بجامعة كينغز كولدج لندن متخصص في دراسة اتجاهات الأمراض.

وقد أخبر البروفيسور سبكتر برنامج بانوراما الذي يبث على تلفزيون بي بي سي بأنه “خلال العقد الماضي، كان هناك دليل متنام على أن الأطعمة فائقة المعالجة مضرة لنا بطرق لم تكن تخطر على بالنا من قبل.

“نحن نتحدث هنا عن مجموعة متنوعة من أمراض السرطان والقلب والسكتات الدماغية والخرف”.

تحتوي الأطعمة فائقة المعالجة على مواد كيميائية تعتبر آمنة وفق اللوائح البريطانية المنظمة لهذا القطاع، ولكن برنامج بانوراما أجرى تحقيقا حول أدلة علمية حديثة أشارت إلى وجود صلة بين بعض تلك المواد وبين الإصابة بالسرطان والسكري والسكتات الدماغية.

في يناير/كانون الثاني الماضي، نُشرت واحدة من أشمل الدراسات التي تناولت الأطعمة فائقة المعالجة - وقد أجرتها كلية الصحة العامة بجامعة إمبيريال كوليدج - في دورية لانسيت الطبية.

وجدت الدراسة التي أجريت على 200 ألف شخص في المملكة المتحدة أن الاستهلاك المتزايد للأطعمة فائقة المعالجة قد يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالسرطان بشكل عام، وبسرطاني المبيض والمخ بشكل خاص.

وابتداء من الشهر الماضي، شرعت منظمة الصحة العالمية في التحذير من استخدام المُحلّيات الاصطناعية على المدى الطويل، قائلة إنه قد يؤدي إلى مخاطر صحية.

يأتي ذلك في أعقاب عشرات الدراسات التي ربطت بين كثرة استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة وبين زيادة احتمال الإصابة بأمراض خطرة.

لكن إثبات أن مكونات بعينها تتسبب في أضرار صحية للبشر قد يكون أمرا صعبا - فهناك سلسلة من العوامل الأخرى في أنماط حياتنا التي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بتلك الأمراض. على سبيل المثال، عدم ممارسة أنشطة رياضية والتدخين وتناول أطعمة تحتوي على كميات عالية من السكر.

من الأطعمة فائقة المعالجة الشائعة: • الخبز المقطع إلى شرائح والذي ينتج بكميات كبيرة وحبوب الإفطار المحلاة • الحساء سريع التحضير والوجبات المغلفة ووجبات الميكروويف • اللبن (الزبادي) المضاف إليه نكهات الفواكه • • اللحوم المصنعة مثل شرائح فخذ الخنزير والسجق (النقانق) • • الأيس كريم ورقائق البطاطس المحمرة والبسكويت • • المشروبات الغازية وبعض المشروبات الكحولية - مثل الويسكي والجين والرم • التحقيقات الأولية في العلاقة بين الوفاة والأطعمة فائقة المعالجة بدأت في فرنسا بجامعة السوربون كجزء من دراسة متواصلة في العادات الغذائية لنحو 174 ألف شخص.

تشرح الدكتورة ماتيلد توفيير التي ترأست الدراسة قائلة: “لدينا سجلات غذائية على مدار 24 ساعة، حيث يخبرنا [المشاركون في الدراسة] بكافة الأطعمة والمشروبات التي يتناولونها”.

هذا البحث المتواصل نشر بالفعل بعض النتائج التي تظهر أن الأطعمة فائقة المعالجة قد تسهم في زيادة خطورة الإصابة بالسرطان.

المستحلِبات - الغاية المنشودة لصناعة الغذاء

ومؤخرا، ركزت الدراسة على تأثير مكون واحد بعينه هو المستحلِبات (Emulsifiers) التي تعمل على الحفاظ على تماسك كافة مكونات الأطعمة فائقة المعالجة مع بعضها بعضا.

وتعتبر المستحلبات هي الغاية المنشودة للقائمين على صناعة الأغذية، إذ إنها تحسن شكل وتركيبة الطعام وتساعد في إطالة مدة الصلاحية مقارنة بالأطعمة الأقل معالجة.

دخل تلك المواد في الكثير من المنتجات الغذائية، من المايونيز إلى الشوكولاته إلى زبدة الفول السوداني إلى منتجات اللحوم. وعندما تتناول طعامك، فإنك على الأرجح تستهلك المستحلبات كجزء من نظامك الغذائي.

وقد اطلع برنامج بانوراما حصريا على النتائج الأولية لدراسة الدكتورة توفيير.

النتائج لم تتم مراجعتها وتقييمها بعد من قبل باحثين آخرين - أو ما يعرف بمراجعة الأقران أو النظراء والتي تعتبر خطوة حيوية بالنسبة للدراسات العلمية - لكن الدكتورة توفيير تقول إنها لا تزال مثيرة للقلق.

وتضيف: “لاحظنا صلات لا يستهان بها بين كمية المستحلبات التي يتم تناولها وبين زيادة خطورة الإصابة بالسرطان بشكل عام - ولا سيما سرطان الثدي - وأيضا الأمراض القلبية الوعائية”.

يعني ذلك أنه تم رصد نمط يربط بين تناول الأطعمة فائقة المعالجة وبين خطر الإصابة بتلك الأمراض، لكن هناك حاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث.

ورغم تزايد الأدلة، فإن وكالة المعايير الغذائية بالمملكة المتحدة - التي تضع اللوائح والقواعد المنظمة لصناعة الغذاء في إنجلترا وويلز وأيرلندا الشمالية - لم تصدر بعد أمرا بتقليل استخدام المستحلبات.

وعندما طلب برنامج بانوراما من الوكالة التعليق على تزايد الأدلة التي تشير إلى أن المضافات الغذائية قد تتسبب في ضرر صحي، قالت: “لم يقَدم لنا أي دليل - سواء من قبل هذا البرنامج أو غيره - على أن مستحلبات بعينها يُعتقد أنها تشكل خطرا على الصحة”.

لكن الوكالة أضافت أنها تعتزم إجراء استشارات عامة.

هل من الممكن أن تكون صناعة الغذاء نفسها هي التي تعكف على مقاومة إصدار قواعد تحد من استخدام تلك المواد؟ أمضى فريق بانوراما الأشهر الثمانية الماضية في التحقيق في هذا الأمر.

“شركات صناعة الأغذية ليست وكالات للصحة العامة..فهدفها هو بيع منتجاتها”، على حد قول البروفيسورة نِسِل.

وتضيف الخبيرة في سياسات الغذاء أنه من المعروف أن صناعة الأغذية تمول الأبحاث وترعى الخبراء وتقلل من شأن الدراسات التي تجرى في هذا الشأن لمنع صدور قواعد صارمة.

معهد العلوم الحياتية الدولي (The International Life Sciences Institute) هو أحد الجهات التي تتلقى تمويلا من بعض أضخم شركات الأغذية في العالم.

يقول المعهد إن هدفه هو “تقديم أبحاث علمية تحسن الصحة البشرية” - لكنه نشر في السابق دراسات تقوض من الإرشادات العامة حول النظام الغذائي الصحي. في عام 2012، شعرت وكالة سلامة الغذاء الأوروبية بقلق شديد إزاء حدوث تضارب في المصالح لدرجة أنها أصرت على أن أي شخص يعمل بها وله صلات بالمعهد يجب أن يستقيل من المعهد أو يترك الوكالة.

البروفيسور ألان بوبيس، الأستاذ الفخري بجامعة إمبيريال كوليدج لندن هو أيضا مدير بدون أجر للفرع الأوروبي لمعهد العلوم الحياتية الدولي. لكنه يترأس كذلك مجموعة من العلماء من المملكة المتحدة يشكلون ما يعرف بـ “لجنة دراسة درجة السمّية”، وهي لجنة تقدم استشارات لوكالة معايير الغذاء الحكومية حول مدى خطورة المواد الكيميائية الموجودة في الأطعمة.

أكثر من نصف أعضاء اللجنة على صلات حديثة بصناعة الأغذية أو صناعة المواد الكيميائية. وخلال الأعوام العشرة الماضية، لم تؤيد اللجنة فرض أي قيود على استخدام المضافات الغذائية في طعامنا.

وقد أخبر البروفيسور بوبيس بانوراما بأنه لا يقدم استشارات مصممة بغرض أن تصب في مصلحة صناعة الغذاء، وأنه دائما ما “يلتزم بإجراء وتحديد أفضل الأبحاث العلمية.. بقطع النظر عن الجهة الممولة لها”.

أما وكالة المعايير الغذائية فقالت إن لديها “مدونة واضحة لقواعد السلوك.. فيما يتعلق بإعلان المصالح”، وإنه “ليس هناك دليل” على وجود تحيزات أثرت على قراراتها.

وقال المعهد: “نعمل داخل إطار من أرفع معايير النزاهة العلمية”.

المقال السابق
"حزب الله" يواصل تصعيده ضد جهاد أزعور: ترشّحون الفراغ ولن يمر وخياراتنا مفتوحة
نيوزاليست

نيوزاليست

مقالات ذات صلة

لقاح جديد للأنفلونزا يمكن للفرد أخذه بنفسه

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية