ما إن وضع رئيس الغابون علي بونغو أونديمبا “قيد الإقامة الجبرية” محاطاً بعائلته وأطبائه، وفق ما أعلن الأربعاء عسكريون حتى سارعت شركات فرنسية إلى تعليق أعمالها ما عزز مخاوف من أن تلقي الخطوة بتداعيات سلبية جسيمة على صعيد الاستثمار الأجنبي المباشر في البلد الأفريقي.
جاء في بيان تلاه عسكريون من لجنة المرحلة الانتقالية وإعادة المؤسسات عبر التلفزيون الرسمي أن “الرئيس علي بونغو قيد الإقامة الجبرية، وهو محاط بعائلته وأطبائه”.
وأضاف الكولونيل الذي تلا ليل الثلاثاء الأربعاء البيان، الذي أعلن فيه الجيش “إنهاء النظام القائم” أنه “تم توقيف” نور الدين بونغو فالنتان ابن الرئيس ومستشاره المقرب، وإيان غيزلان نغولو رئيس مكتب بونغو، ومحمد علي ساليو نائب رئيس مكتبه، وعبدالحسيني وهو مستشار آخر للرئاسة، وجيسيي إيلا إيكوغا وهو مستشار خاص وناطق رسمي باسم الرئاسة، إضافة إلى أهم رجلين في الحزب الديمقراطي الغابوني القوي الذي يتزعمه بونغو. شركة التعدين الفرنسية “إراميت”
قالت شركة التعدين الفرنسية “إراميت”، التي تملك وحدة “كوميلوغ” لإنتاج المنغنيز في الغابون اليوم الأربعاء، إنها علقت كافة عملياتها في البلاد في أعقاب تطورات وقعت خلال الليل في البلاد، فيما انخفض سهم الشركة بنحو خمسة في المئة في أعقاب هذا الإعلان.
وقال متحدث باسم الشركة لـ”رويترز”، “بدءاً من هذا الصباح تم تعليق كل عمليات “كوميلوغ” و”ستراغ”، فضلاً عن وقف عمليات النقل عبر السكك الحديدية”.
وظهرت مجموعة من كبار ضباط الجيش الغابوني على شاشة التلفزيون في الساعات الأولى من اليوم الأربعاء، وأعلنت استيلاءها على السلطة، بعد إعلان لجنة الانتخابات فوز الرئيس عمر بونغو بفترة رئاسية ثالثة.
و”كوميلوغ” هي وحدة للتنقيب عن المنغنيز وتملك “إراميت” حصة غالبية فيها، و”ستراغ” هي وحدة للنقل عبر السكك الحديدية.
“توتال إنرجيز” هي الأخرى
من جانبها، قالت شركة النفط الفرنسية العملاقة “توت ال إنرجيز” اليوم إنها حشدت جهودها لضمان سلامة موظفيها وعملياتها في الغابون، وأشارت إلى أن ذلك هو “أولويتها القصوى”.
وذكرت الشركة، أن لديها 350 موظفاً في الغابون وأنها الموزع الرئيس للمنتجات البترولية في البلاد عبر 45 محطة وقود، كما جاء من الغابون 0.6 في المئة من إنتاج الشركة من النفط والغاز في عام 2022، فيما لم تستجب الشركة بعد لتساؤل عما إذا كان الانقلاب في الغابون سيؤثر في عملياتها.
وتعد الغابون إحدى الدول الأفريقية الأكثر ثراءً لناحية الناتج الإجمالي المحلي للفرد الواحد (8820 دولاراً عام 2022)، بفضل النفط والخشب والمنغنيز، وعدد سكانها المنخفض (2.3 مليون نسمة)، وهي من أول منتجي الذهب الأسود في أفريقيا جنوب الصحراء، وشكل النفط عام 2020، ما نسبته 38.5 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي و70.5 في المئة من مجموع صادراتها، بحسب البنك الدولي.
إلا أن الاقتصاد الذي تعجز السلطات عن تنويعه بشكل كاف، لا يزال يعتمد إلى حد بعيد على المحروقات ويعيش فرد واحد من أصل كل ثلاثة تحت خط الفقر بحسب أرقام أعلنت أواخر عام 2022، وفق البنك الدولي.
ويصف البنك الدولي البلد الذي تحتل الغابات 88 في المئة من مساحته البالغة 268 ألف كيلومتر مربع، بأنه “ممتص كبير للكربون ورائد في مبادرات صافي الانبعاثات الصفر ية”، وذلك خصوصاً نتيجة الجهود المبذولة لتخفيض الانبعاثات والحفاظ على غابته الاستوائية الكبرى.
وتتمتع الغابون بنظام بيئي غني، وتعد حدائقها الوطنية موطناً للأنواع المستوطنة والثدييات الرمزية مثل فيل الغابات والغوريلا والشامبانزي والفهد وعديد من أنواع البنغول (آكل النمل الحرشفي).
وتسجل البلاد واحداً من أعلى معدلات التحضر في القارة، إذ يعيش أكثر من أربعة مواطنين من أصل كل خمسة في المدن، وتضم ليبرفيل وبورت جنتيل، العاصمة الاقتصادية، لوحدهما نحو 60 في المئة من السكان. وأعلن الناطق باسم الحكومة الفرنسية أوليفييه فيران الأربعاء، أن باريس “تدين الانقلاب العسكري الجاري حالياً” في الغابون مشيراً إلى أن فرنسا “تراقب بانتباه شديد تطورات الوضع”.
وقال فيران خلال مؤتمر صحافي في ختام اجتماع مجلس الوزراء إن باريس “تؤكد مجدداً رغبتها أن يتم احترام نتيجة الانتخابات حينما تعرف”.