"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

الاستحقاق الرئاسي.. صمود بهدوء

علي حمادة
الأحد، 18 يونيو 2023

الاستحقاق الرئاسي.. صمود بهدوء

الذين ينتظرون في لبنان أن يخرج الدخان الأبيض من اجتماعات باريس بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ، فيكون للبنان رئيس للجمهورية في الأيام الثقليلة المقبلة ، مرشحون لأنّ ينتظروا طويلًا .

إنّ الاستحقاق الرئاسي بمساره الحالي لا يشي بأنّ مباحثات الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي يوم الجمعة أفضت الى حسم اتجاه على آخر، فالطرفان الفرنسي و السعودي يعرفان تمامًا أنّ المشكلة موجودة في مكان آخر : طهران .

إنّ تمسك “حزب الله” العنيف حتى الآن بتنصيب سليمان فرنحية رئيسًا للجمهورية رغما عن أنف غالبية مسيحية معتبرة مستندة الى وجدان البيئة المسيحية العميقة الرافضة لسياسة الفرض و الاملاء المتبعة، لا يفيد بأنه سيتم تحرير الاستحقاق الرئاسي بالسرعة التي يتمناها معظم اللبنانيين . ومع أنّ مرشح التقاطع المعارض تمكّن في المنازلة الأولى بعد ترشيح جهاد ازعور من التفوق على مرشح “الثنائي الشيعي ” بفارق أصوات يتراوح بين ثمانية أو تسعة أصوات (جرى إخفاء صوت عمدًا) ، فإن الثنائي المذكور يرفض أخذ علم بأنّ اصراره على المضي بسياسة الفرض والاملاء المشار اليها لن يفضي إلا الى مزيد من التصلب لا المسيحي فحسب ، بل المتنوع البيئات أيضًا، لأنّ ما يحصل اليوم على مستوى رئاسة الجمهورية سيحصل لاحقًا عل مستوى جميع المواقع الدستورية او الحساسة في البلاد . ومن يعيب من البيئات المهددة حكما بسلوك الثنائي على المسيحيين رفضهم الخضوع اليوم ، سيجد نفسه لاحقًا مرغما على مقاومة محاولات الاخضاع بالسلوك الخطير نفسه.

لا يمكن مواجهة سلوك “الثنائي الشيعي ” الذي يشبه الى حد بعيد سلوك “الاطار التنسيقي ” في العراق (الوجه البرلماني ل”الحشد الشعبي ”) بالخضوع مرة بعد مرة، فمع هذا الطرف لا قعر للتنازلات المطلوبة من الآخرين ، و كما سبق ان قال الرئيس سعد الحريري في الخطاب الذي اعلن فيه تعليق عمله السياسي قبل عام و نصف :“لا مجال لأيّ فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الايراني و التخبط الدولي ” ، فإن استمرار المعادلة الراهنة حيث يمارس “حزب الله”، بوصفه امتدادًا عضويًّا للنفوذ الإيراني، سياسة قائمة على الهيمنة والترهيب، وصولًا الى الإرهاب من اجل الإبقاء على لبنان منصة و قاعدة للنفوذ الإيراني في شرقي البحر الأبيض المتوسط ، لن تؤدي في أحسن الأحوال سوى الى مزيد من الانزلاق نحو الأسوأ على جميع المستويات .

بناء على تقدم ، لا بد من الدعوة الى تصليب الموقف الرافض للفرض و الاملاء، و الى العمل على توسيع مروحة القوى الرافضة لهذه السياسة ، و للخطر الذي تمثله على جميع المكونات و البيئات اللبنانية، كما انّ موقف المتفرج واللامبالاة من بعض الكتل في معركة الرئاسة التي نحن بصددها اليوم ، ليس له أي مبرر منطقي ، لأنّه موقف التواطؤ ليس على موقع رئاسة الجمهورية، بل على جميع المواقع الأخرى التي ستلي الرئاسة الأولى .

انه موقف التواطؤ على توازنات البلد ، وعلى ثقافة البلد ، ونمط العيش فيه ، وحرية البيئات الأخرى ووجودها ومستقبلها في لبنان .

في مطلق الأحوال، نكرر ما قلناه قبل مدة ، ان التهويل لا يصنع رئيسًا، و لنا أن نصمد بهدؤ و سلام ، ولا نسلّم بلدنا، و تاريخنا، و معنى وجودنا على هذه الأرض هدية لهؤلاء على طبق من ذهب !

المقال السابق
لوموند: أبن سلمان يرفض التورط بالملف الرئاسي اللبناني

علي حمادة

كاتب ومحلّل سياسي

مقالات ذات صلة

"إسرائيل لديها قدرات أكثر دراماتيكية من تفجيرات الأجهزة اللاسلكية"

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية