إنّ معاناة الر جال مع مشاكل الخصوبة قد تتخطّى كونه مجرّد مصدر قلق سريري. فالرجال الذين يربطون رجولتهم بهويّتهم وقيمتهم الذاتية، قد يتسبّب ذلك بأزمة شخصية عميقة لديهم.
في حين يسهل على الطبيب المعالج تقديم اختبارات علاجات العقم، يصعب التعامل مع التحديات العاطفية والجسدية التي قد يختبرها المريض أو الزوجين خلال مسارهما نحو الأمومة والأبوة.
في الولايات المتحدة، يعاني حوالي 1 من كل 8 أزواج من صعوبات في الحمل أو الاستمرار بالحمل. في هذا السياق، يلعب العقم عند الرجال دورًا مهمًا، حيث يساهم في حوالي 40% من حالات العقم.
بعد عام واحد من محاولة الحمل والفشل، يُنصح الأزواج بإجراء اختبار الخصوبة عندما يكون عمر المرأة أدنى من 35 عامًا. وفي حال تخطت المرأة عامها الـ35، عليهما الخضوع لمثل هذه الاختبارات بعد ستة أشهر من المحاولة. أما السبب فمردّه إلى انخفاض الخصوبة الذي يمكن أن يحدث مع التقدم بالعمر، ما يجعل التدخل المبكر مهمًا.
إلى ذلك، في حال كان ثمة مخاوف صحية محدّدة قد تؤثّر على الخصوبة، مثل:
-الحالات الوراثية المعروفة
-العمليات الجراحية السابقة التي تؤثر على الأعضاء التناسلية
-السرطانات السابقة التي تتطلّب علاجًا كيميائيًا
-الأمراض المزمنة مثل مرض السكري
على الرجال عندها استشارة مقدّم الرعاية الصحية قبل بدء محاولة الحمل. تساعد هذه المقاربة الاستباقية على معالجة أي مشاكل محتملة في وقت مبكر من العملية، وتمهد الطريق لمحاولة أكثر استنارة وتركيزًا للحمل. تحديد مفهوم الخصوبة لدى الرجل
تتراجع الخصوبة شكل طبيعي مع تقدم العمر، الأمر الذي يؤثر على جودة الحيوانات المنوية والسلامة الوراثية. كما أن خيارات نمط الحياة مثل تدخين السجائر أو التدخين الإلكتروني، والإفراط في تعاطي الكحول والسمنة، كلها عوامل تُقلل من جودة الحيوانات المنوية وإنتاجها بشكل كبير.
كما تؤدي المشاكل الصحية إلى إضعاف الخصوبة، مثل.
-دوالي الخصية
-والالتهابات والاختلالات الهرمونية
كما يمكن للعوامل البيئية أن تلحق الضرر بوظيفة الحيوانات المنوية، مثل:
-المعادن الثقيلة -الحرارة المفرطة
كما يعرقل الإجهاد الهرمونات الضرورية لإنتاج الحيوانات المنوية.
ما هي المفاهيم الخاطئة حول الخصوبة؟
بخلاف الاعتقاد السائد فإنّ:
الملابس الداخلية الضيقة، وركوب الدراجات الترفيه ية لها تأثير ضئيل على الخصوبة.
المكملات الغذائية، رغم أنها مفيدة لأوجه قصور معينة، إلا أنها لا تعزز الخصوبة بشكل عام، ويجب استخدامها بحذر.
وأخيرًا، القذف المتكرّر لا يُضِر بالخصوبة عمومًا لكنه قد يؤدي إلى خفض عدد الحيوانات المنوية بشكل مؤقت، غير أنه قد يُساعد على تحسين فرص نجاح الإخصاب من خلال التخلص من الحيوانات المنوية القديمة.
كيف يشخّص العقم لدى الرجال؟
تقييم الخصوبة لا يتّصل بفترة زمنية أو عمر، والتكنولوجيا الحديثة سهّلت الأمر. إذ تسمح تطبيقات “الخصوبة” المختلفة وأدوات تحليل السائل المنوي المتاحة للاستخدام المنزلي للرجال بتقييم جودة الحيوانات المنوية من دون وصفة طبية.
لكن من يسعون إلى فهم شامل لصحتهم الإنجابية، فإن التشاور مع أخصائي أمر أساسي.
ويتمتع أطباء المسالك البولية من ذوي الخبرة في مجال الصحة الإنجابية للذكور بالجهوزية لإجراء تقييمات شاملة تتجاوز بكثير ما يمكن أن تقدمه الاختبارات المنزلية، ومعالجة المشاكل المعقّدة المتصلة بالعقم لدى الذكور، منها:
-الظروف الوراثية
-الاختلالات الهرمونية
-عوامل نمط الحياة
-التعرض للعوامل البيئية
يُعد تحليل السائل المنوي أداة تشخيصية مهمة في هذه العملية، لأنّه يُقيّم عدد الحيوانات المنوية وحركتها وشكلها، وهي المؤشرات الرئيسية لصحة الحيوانات المنوية:
-انخفاض عدد الحيوانات المنوية إلى أقل من 15 مليونًا لكل ملليلتر، المعروف باسم قلة النطاف، قد يقلّل من احتمالية نجاح الإخصاب.
-مشاكل الحركة، حيث يتحرك أقل من 40٪ من الحيوانات المنوية بفعالية، قد تعيق رحلتها إلى البويضة.
-الشكل غير الطبيعي، مع وجود أقل من 4٪ من الحيوانات المنوية ذات الشكل الطبيعي، قد يعيق قدرة الحيوانات المنوية على تخصيب البويضة بشكل فعال.
كما يتضمن تقييم الخصوبة الكامل أيضًا:
فحوصات بدنية للتحقّق من وجود دوالي الخصية أو غيرها من الحالات الشاذة.
اختبارات الهرمونات للكشف عن الاختلالات المحتملة التي يمكن أن تؤثر على إنتاج الحيوانات المنوية، دراسات التصوير لتحديد العوائق الهيكلية.
ومن خلال دمج نقاط البيانات هذه، يمكن لمقدمي الرعاية الصحية تحديد خيارات العلاج الأكثر ملاءمة والمصمّمة خصيصًا لظروف كل فرد، بدءًا من تعديلات نمط الحياة، والتدخلات الطبية، وصولًا إلى الحلول الجراحية.
علاج العقم عند الرجال
يمكن أن يبدأ علاج مشاكل الخصوبة لدى الرجال الآن. أي تحسين في الصحة البدنية، والنشاط، قد يحسّن من إمكانات الخصوبة. بالإضافة إلى ما عليك فعله انطلاقًا مما تبيّن في تقييم الخصوبة التفصيلي الخاص بك.
وقد يوصي طبيبك بإجراء التغييرات التالية:
-البدء بتناول المكملات الغذائية. لكن احذر، لأن ليس كل المكمّلات الغذائية التي تعزّز تحسين الخصوبة متشابهة. استنادًا إلى الأبحاث، سنعطي الرجال في عيادتنا بداية كوكتيلًا من الإنزيم المساعد Q10 وزيت السمك، ومكمّل مركّب مليء بمضادات الأكسدة المفيدة (فيتامين د، وفيتامين هـ، والزنك، والسيلينيوم)
-إصلاح الأوردة الكبيرة: عزّزت الإرشادات الحديثة المدعومة بالأبحاث التصحيح الجراحي لدوالي الخصية عالية الجودة لتحسين جودة الحيوانات المنوية وحتى قيمة هرمون التستوستيرون. يعالج هذا الإجراء التمدد غير الطبيعي للأوردة في كيس الصفن، الذي يمكن أن يغير درجة الحرارة حول الخصيتين، ويضعف إنتاج الحيوانات المنوية. التحسينات بعد الجراحة قد تزيد من فرص الحمل الطبيعي.
-الأدوية: اعتمادًا على السبب الكامن وراء العقم، يمكن للأدوية أن تلعب دورًا حاسمًا، مثل:
1- تصحيح الاختلالات الهرمونية باستخدام الأدوية التي تعزز إنتاج الجسم الطبيعي لهرمون التستوستيرون والهرمونات الأخرى المشاركة في إنتاج الحيوانات المنوية. وتشمل هذه الأدوية التي لا تعتمد على هرمون التستوستيرون، سيترات كلوميفين أو أناستروزول.
2- بديل التستوستيرون المباشر لا يوصى به دومًا لأنه يمكن أن يوقف إنتاج الحيوانات المنوية بالكامل. لكن الدراسات الحديثة وجدت أنّ استخدام هرمون التستوستيرون عن طريق الأنف كخيار قابل للتطبيق للرجال الذين يرغبون بالاستمرار في العلاج البديل من دون أن يؤثر على عدد الحيوانات المنوية لديهم.
3- الإنتاج المساعد قد يكون ثمة حاجة له. يُعد حقن الحيوانات المنوية داخل السيتوبلازم أسلوبًا قويًا يُستخدم غالبًا بالتزامن مع التخصيب في المختبر. وينطوي على حقن حيوان منوي واحد مباشرة في البويضة لتسهيل عملية الإخصاب. وهو مفيد بشكل خاص للرجال الذين يعانون من انخفاض عدد الحيوانات المنوية أو مشاكل في حركة الحيوانات المنوية أو شكلها.
لا تبقَ صامتًا
تتطلب معالجة العقم عند الرجال عناية تتجاوز حدود العلاج الطبي. في ثقافة لا يتحدث فيها الرجال عن الخصوبة، وتميّز الرجل الذي يعاني من عقم على أنه أقل من رجل، نحتاج إلى ترسيخ ثقافة تمكننا من التحدث عن الصحة الإنجابية للذكور.