"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

علَمُ الثورة والدولة..في بيروت ودمشق

ساطع نور الدين
الاثنين، 24 فبراير 2025

علَمُ الثورة والدولة..في بيروت ودمشق

علَمُ “سوريا الأسد”، ذو النجمتين الخضراوين، الذي رُفِع في جنازة السيد حسن نصر الله، لم يكن مجرد إساءة عابرة لعامة السوريين، الذين استبدلوه بشكل رسمي قبل شهرين، بعلم الاستقلال السوري ذي النجوم الثلاث الحمراء، بل كان مؤشراً على ان أخبار تَحلّل النظام الاسدي في سوريا، ستتأخر في الوصول الى العاصمة اللبنانية، وربما لن تصل في المستقبل القريب.

لكن ذلك العلَم السوري الذي سبق ان مزقته الثورة السورية في أيامها الأولى في العام 2011، لم يكن غريباً وسط غابة من الاعلام الحزبية اللبنانية، التي رفرفت في الجنازة، من دون أن تكون مرفوعة من جماهير أحزاب محلية انقرضت، أو هي على طريق الانقراض، ولم يبق منها سوى أعلامها وبعض رموزها، غير المتصلة بأي هياكل تنظيمية أو شعبية، بل كان حزب الله نفسه، سبب بقائها على قيد الحياة.. وسيكون سبب فنائها، وزوال “المحور الممانع” الذي انتمت إليه.

وفي خضم المسار الختامي لذلك “المحور”، يبقى المهم ألا يتحول العلَم الاسدي المرفوع حتى في بعض شوارع بيروت وضاحيتها الجنوبية، الى حجة إضافية للمزيد من الخصام والصراع مع الحكم الجديد الذي يتشكل الآن في سوريا، على قاعدة رئيسية ثابتة ووحيدة، هي نفي الماضي البعثي، والتحرر من جميع فظاعاته، ومخلفاته، والبحث عن مستقبل ليس فيه أثر للأسدية، ولا لأي من “أعلامها”.

يمكن حصر الخسائر والاضرار وضبط الحدود الجنوبية، بما يحول دون أي إختراق إسرائيلي جديد للجسم اللبناني، فيما سيكون من الصعب، إن لم يكن من المستحيل في الفترة المقبلة، التوصل الى مصالحة ومساكنة طبيعية بين مجموع الشعبين اللبناني والسوري

هذه المهمة السورية الصعبة، التي تتعثر اليوم لكنها لن تقع، ستستغرق وقتاً طويلاً، قبل أن تصل الى بناء دولة مدنية، غير بعثية وغير إسلامية معاً.. غير أنها لن تتمكن على الأرجح في تطهير لبنان وأحزابه وقواه السياسية كافة، ومن دون استثناء، من الوباء الاسدي الذي ضربه طوال العقود الخمسة الماضية، وما زالت آثاره وذكرياته حاضرة في بيروت أكثر بكثير من دمشق، وستبقى كذلك الى أمد بعيد. بفعل الحساسيات اللبنانية التي مكنّت الاسدية من تشويه الجسد اللبناني، المشوّه أصلا.

يمكن أن يُنسب الى حسن الحظ، أن الكثرة السورية ليست مهتمة الآن بالاولوية اللبنانية، لانشغالها بأولويات أشد إلحاحاً، وكذا الحال بالنسبة الى الكثرة اللبنانية التي ربما لم تنتبه الى إرتفاع العلم الاسدي في الجنازة

لعل الجنازة لم تكن مسؤولة ومعنية بذاك العلَم، ولا بالهمّ السوري، الذي سقط نهائياً من خطابات الحزب، منذ ما قبل فرار الأسد، بعدما فرضت الحرب الإسرائيلية الحالية إزاحته عن جدول الأعمال المحلي، على الرغم من المستقبل سيثبت، بما لا يدع مجالا للشك، أن التورط اللبناني في سوريا أخطر وأسوأ على المدى البعيد من الآثار التي سيتركها الغزو والاحتلال الإسرائيلي.. حيث يمكن حصر الخسائر والاضرار وضبط الحدود الجنوبية، بما يحول دون أي إختراق إسرائيلي جديد للجسم اللبناني، فيما سيكون من الصعب، إن لم يكن من المستحيل في الفترة المقبلة، التوصل الى مصالحة ومساكنة طبيعية بين مجموع الشعبين اللبناني والسوري، على اختلاف طوائفهما وأعلامهما، التي لا تقتصر على علم سوريا الأسد، او على علم حزب الله المكروه والمنبوذ في سوريا، كما لا تنحصر بأزمة النازحين السوريين، التي لن يكون لها علاج بالسياسة، بل بالاقتصاد وحده.

ويمكن أن يُنسب الى حسن الحظ، أن الكثرة السورية ليست مهتمة الآن بالاولوية اللبنانية، لانشغالها بأولويات أشد إلحاحاً، وكذا الحال بالنسبة الى الكثرة اللبنانية التي ربما لم تنتبه الى إرتفاع العلم الاسدي في الجنازة، لكنها لن تكون مهتمة أيضا بما يدور في دمشق، وهي تعتبره ربما فرصة مؤقتة يفرضها إنشغال الاشقاء السوريين، بتدبير أمور البيت السوري.. مع أن ذلك “التدبير” يشهد اليوم خطوة الى الوراء، في مسار إعادة بناء ما هدمته الأسدية، لدى انعقاد المؤتمر الوطني السوري الأول من نوعه في دمشق، تحت مظلة الحكام الإسلاميين الجدد، الذين خالفوا التوقعات والتعهدات والمواعيد، ولم يساهموا في فك الحصار عن سوريا، ولا في الارتقاء الى مستوى الثورة السورية، وعلَمها المرفوع في عواصم العالم كله، عدا بعض أحياء بيروت وضاحيتها الجنوبية.

المقال السابق
في ذكرى هجومها على اوكرانيا..حزمة عقوبات أوروبية على روسيا

ساطع نور الدين

مقالات ذات صلة

هذا ما شيّعته إسرائيل بالتزامن مع تشييع "حزب الله" لنصرالله وصفي الدين

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية