"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

العلم درس هذه الظاهرة..المشكلة الكبرى التي يعاني منها "بدلاء" نصرالله!

كريستين نمر
الثلاثاء، 29 أكتوبر 2024

العلم درس هذه الظاهرة..المشكلة الكبرى التي يعاني منها "بدلاء" نصرالله!

كثرت الرؤوس في “حزب الله” بعد السابع والعشرين من أيلول/ سبتمبر الماضي، تاريخ اغتيال أمينه العام السيّد حسن نصرالله، إذ ظنّ كل محازب سواء أكان كادرًا أم مجرّد متعاطف بأنه الخَلف للسلف الذي لم يعد موجودًا، فضاقت المنابر كما وسائل التواصل الاجتماعي بإطلالات مستنسخة لشخصية نصرالله وبخطابات وتعابير ورفع سبابات وتهديدات…

ولربما جاءت هذه الاطلالات، بهدف شدّ العصب ورفع المعنويات، وقد تكون بدافع التخويف والتهويل، أو للحفاظ على وضعية سياسية عمل نصرالله ومن وراءه على بنائها طيلة أربعين عامًا، ولكن غاب عن هؤلاء أن شخصية قائدهم، حتى لو قالوا إنها “ولدت بقدرات استثنائية”، استغرقت عقودًا لتصقل مهاراتها وتطوّر نفسها، من دون أن ننسى ما لعبته الظروف المحليّة والإقليمية من أدوار ساهمت في دخوله الى وجدان المؤيد والخصم على السواء.

وكثرة الرؤوس هذه، دفعت المتابع إلى المقارنة بين “قادة اليوم” وقائد الأمس، بخاصة في ما يتعلّق بنبرة الصوت وما تنقله من دلالات وما تطلقه من أحكام وتوقعات، فصوت نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم على سبيل المثال لا الحصر، يتناقض مع ما يتوقعه البعض من قيادي من الصف الأول أراد من خلال إطلالاته شدّ عصب بيئته وتثبيت إرادتها والتأكيد على عمق إيمانها بعقيدة حزبها وتسليمها بما آلت إليه أحواله، فهو على الرغم من أنه كان قبل السابع والعشرين من أيلول/ سبتمبر، خطيبًا منبريًا مفوّهًا، بدا بعد هذا التاريخ شخصًا مغايرًا، فصوته “الحاد” زاد حديّة، وبدا هزيلًا، ضعيفًا، غير واثق وخاليًا من السيطرة. قد يكون كل هذا نتاجًا طبيعيًّا إزاء ما ألمّ بحزبه، ولكن هذا هو واقعه الموضوعي.

في العام 2020، نشر الباحثان تو أونغ وديفيد بوتس، من جامعة بنسلفانيا، ملخصًا للأبحاث العلمية التي أُجريت حول العلاقة بين نبرة صوت القائد وشخصيته وبالتالي مدى تقبّله من قِبَل محيطه، وأظهرت الدراسة “أن الناس أول ما يتوقعون من القائد القوي، المهاب وصاحب الإرادة القوية صوتًا عميقًا ينمّ عن ثقة ليطمئنهم على مستقبلهم في حال وقوع تغييرات مصيرية في حياتهم”.

“من الشخص القوي، المهاب أو صاحب الإرادة القوية، نتوقع صوتًا عميقًا”

طبعًا ليس المطلوب من “قادة اليوم”، وما أكثرهم، استنساخ نبرة صوت السيّد نصرالله، فمن المعروف أن البشر من أكثر الكائنات تفاوتًا في نبرة الصوت، وهذا الاختلاف الناجم عن التطوّر، إنما هو دليل على الأهمية الكبرى للصوت في الإدراك الاجتماعي لدى المتحدث.

إلا أنّ الانطباع الذي يعطيه الصوت العميق أو الحاد ليس مجرد أمر رمزي، بل يكشف عن كثير من السمات الملموسة في شخصية الخطيب أو القائد، على سبيل المثال، الأشخاص المتوترون وبسبب إفرازهم لمستويات عالية من هورمون الكورتيزول (هورمون التوتّر)، يصبح صوتهم حادًا، فيثيرون لدى المستمع شعورًا بعدم النضج والضعف والارباك والخضوع، وهذا ما بدا عليه صوت المسؤول الإعلامي في حزب الله محمد عفيف في آخر إطلالة له، على الرغم مما كاله من اتهامات وما أطلقه من تهديدات وتوصيفات بحق زملائه الإعلاميين.

ركز تو أونغ وديفيد بوتس في دراستهما على ثلاث سمات أساسية يجب أن يتمتّع بها القائد هي: الهيمنة والقيادة ورأس المال الجذاب، وربطا بينها وبين السلطة، وخلصت دراستهما إلى أن الرجال أصحاب الأصوات العميقة، على سبيل المثال، يكون لديهم عدد أكبر من الشركاء الجنسيين خلال حياتهم، وفي الانتخابات يحصل المرشحون على أصوات أكثر، كما أن غالبية الرجال المقتدرين وأصحاب الثروات يتمتّعون بأصوات عميقة.

ومن المعروف أنّ مارغريت تاتشر، وقبل أن تترشح لانتخابات رئاسة الحكومة في بريطانيا، نزلت عند إلحاح اختصاصيّي التواصل الجماهيري، وأخضعت نفسها لدورة تعميق صوتها الذي كان تشوبه عيوب “الرفع الحاد”.

من المؤكد أن العامل الظرفي المغاير الذي يمرّ به قادة حزب الله وقادته وكوادره، من حزن وخوف وتوتر وعدم ثبات… يلعب دورًا مهمًا في النظرة والمقارنة لكل من تساوره نفسه تقليد نصرالله، وهذا ما بدا جليًّا في إطلالتي قاسم وعفيف، فالأول الذي بقي على مدى أربعين عامًا يطلّ عبر المنابر المكشوفة جاءت آخر إطلالاته من مكان ما تحت “سابع أرض”، والثاني تزامن مؤتمره الصحافي الذي دعا إليه لإطلاق الاتهامات والتهديدات للصحافيين، بغارات شنّها الطيران الإسرائيلي على مقربة منه حتى قيل إنه بقي وحده في الميدان باستثناء بعض القنوات التابعة لحزبه، فهذا كلّه لا يؤثر على الصوت فقط إنما كفيل حتى على إخفائه.

المقال السابق
نائب عن حزب الله: "المقاومة تمسك تماما بزمام قدرتها على مواجهة العدوان"
كريستين نمر

كريستين نمر

محرّرة وكاتبة

مقالات ذات صلة

ميركل في مذكراتها: ترامب "مفتون" بالقادة السلطويين

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية