من المهم النهوض بالعلاج الجيني الأول بطريقة صحيحة لأنه يسمح بعلاج حالات وراثية أخرى
زعم علماء صينيون أن بعض الأطفال في البلاد، الذين ولدوا صماً تماماً، أصبحوا الآن قادرين على السمع بعد خضوعهم لعلاج تجريبي جيني يمثل إنجازاً مذهلاً في هذا المجال.
وتحدثت مجلة “ساينس” Science العلمية عن زراعة فيروس غير ضار، يحمل شفرة وراثية جديدة، في الآذان الداخلية للأطفال الصم.
وقال الباحثون من “جامعة فودان” في الصين أن العلاج التجريبي منح أربعة من خمسة أطفال القدرة على السمع.
الأطفال الذين شاركوا في التجربة ولدوا وهم يعانون الصمم في الأساس.
ورث الأطفال نسختين مشوبتين بعيوب وراثية من جين يساعد الجسم في صنع بروتين يمنح الخلايا الشعرية في الأذن الداخلية القدرة على نقل الأصوات إلى الدماغ، وفق مجلة “أم آي تي تكنولوجي ريفيو” MIT Technology Review.
في تسجيل فيديو مرافق للتقرير، نشاهد طفلة في عمر ست سنوات شاركت في التجربة، ونلاحظ أنها تتحدث إلى و الدتها، وذلك بعد نزع غرسة القوقعة الصناعية من أذنها.
نوع الصمم المرتبط بهذا البروتين تحديداً الذي يسمى “أوتوفيرلين” Otoferlin (اختصاراً “أوتوف” Otof)، نادر جداً ويسبب من واحد إلى ثلاثة في المئة فقط من حالات الصمم الوراثي.
وتشير التقديرات إلى أن نحو 20 ألف شخص في مختلف أنحاء الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، بما فيها المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا، ربما يعانون اعتلالاً عصبياً سمعياً بسبب وجود خلل في نسخ بروتين “أوتوف”.
وقد لاحظ الأطباء وعلماء النفس أن الأطفال الذين يكابدون عاهة في السمع تعترضهم عقبات في تطوير مهارات خاصة بالتواصل، ومن المحتمل أن تفوتهم مراحل نمو أساسية في حال عدم تقديم الدعم المناسب منذ البداية.
كذلك قال الباحثون إن نتائج التجربة الأخيرة تعطي مزيداً من الأمل في ابتكار علاج مستقبلي للمصابين بعاهة في السمع منذ الولادة.
في الوقت الحاضر، يخوض العلماء عدداً من التجارب في محاولة للتغلب على الصمم الوراثي من طريق العلاج الجيني.
مستشفى “أدينبروك” في مدينة كامبريدج الإنجليزية يشارك في التجربة الأولى على مستوى العالم لمعرفة ما إذا كان في مقدور شكل من العلاج الجيني أن يمنح السمع لأطفال مصابين بفقدان السمع الوراثي الشديد إلى الحاد.
المتخصص في جراحة الأذن في مستشفيات جامعة كامبريدج، مانوهار بانس، قال إن “الأطفال الذين يحملون اختلافاً [طفرة جينية وراثية] في جين ’أوتوف‘ يعانون منذ الولادة فقدان السمع الشديد إلى الحاد، ولكنهم في الغالب يجتازون فحص السمع الخاص بحديثي الولادة، لذا يعتقد الجميع أنهم قادرون على السمع”.
وأضاف الدكتور بانس “أن الخلايا الشعرية [في الأذن الداخلية] لدى هؤلاء قادرة على العمل، ولكنها لا تتواصل مع العصب”.
لذا، “يعتبر العلاج الجيني الذي يستهدف الخلل في بروتين ’أوتوفيرلين‘ نقطة البداية الصحيحة بالنسبة إلى الأطفال لأنه أحد، إن لم يكن أكثر، الأساليب البسيطة لعلاج فقدان السمع، كل شيء لا بد من أن يكون سليماً ويعمل بشكل طبيعي”، وفق الدكتور بانس.
إذا تأكد نجاحه [العلاج الجيني] على نطاق واسع في علاج فقدان السمع الناجم عن جينات تحمل عيوباً وراثية [تساعد الجسم في صنع] بروتين “أوتوف”، ستعطي العلاجات باستخدام العلاج الجيني الأمل في الشفاء من فقدان السمع الناجم عن حالات وراثية أخرى أكثر شيوعاً.
و”من المهم فعلاً”، في رأي الدكتور بانس، “النهوض بأول علاج جيني على نحو صائب لأنه سيسمح لنا بالمض ي قدماً في علاج حالات وراثية أخرى”.