تشير الضربات الإسرائيل ية الأخيرة في لبنان الى أنّ تل أبيب تريد تحقيق ثلاثة أهداف: أولاً، تقليص قدرات “حزب الله” العسكرية عبر استهداف مخازن الأسلحة ومراكز القيادة والسيطرة وأبراج المراقبة ومنصّات الصواريخ ومراكز تجمع المقاتلين وأي مبنى أو آلية يشتبه باستخدام الحزب لها. كما تقوم بتصفية القيادات الميدانية لخلق فراغ في البنية القيادية، بخاصة من ذوي الخبرة.
ثانياً، إحراج قيادة الحزب أمام جمهورها عبر ضرب هيبة الردع وإظهارها عاجزة عن وقف الضربات الإسرائيلية ضدّ القرى والبلدات في أي مكان في لبنان. فهذه القيادة لطالما توعدت بأنّ إسرائيل لن تجرؤ على قصف المناطق السكنية وقتل المدنيين وبأنّه في حال حصول ذلك فإنّها ستدمّر إسرائيل بأكثر من 100 ألف صاروخ وستجتاح الجليل. لكن الضربات الإسرائيلية تزداد حدّة وعمقاً ودموية في وقت تستمر قيادة الحزب في ضبط ردّها منعاً للانزلاق الى حرب واسعة يعتقد أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي يحاول افتعالها. ويؤدي طول فترة الحرب الذي تجاوز توقعات الجميع، إلى زيادة الضغط والاستنزاف للحزب، بخاصة مع تصاعد الانقسامات الداخلية في لبنان المعارضة لفتح جبهة الجنوب.
ثالثاً، تغيير الواقع الذي كان قائماً على حدودها الشمالية قبل السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، بخاصة في منطقة إصبع الجليل - مزارع شبعا. ي بدو أنّ إسرائيل تريد دفع مقاتلي الحزب الى أكثر من 10 كيلومترات على طول الحدود، وليس فقط بحسب القرار 1701 الذي يتحدث عن منطقة جنوب نهر الليطاني. فوفق مصادر غربية انّ المسافة عن خط الليطاني واسعة في القطاع الغربي، ولكنها تضيق في القطاع الشرقي الى اقل من 3 كيلومترات. ولذلك تسعى فرنسا للعمل على إجراء مفاوضات لتنفيذ المطلب الإسرائيلي بسحب مقاتلي “حزب الله” من جبهة مزارع شبعا إلى أكثر من 10 كيلومترات، الأمر الذي يرفضه الحزب حتى الآن.
تقول مصادر غربية، إنّ القيادة الإسرائيلية أبلغت واشنطن وباريس أنّه في حال فشل الدبلوماسية فإنّ قواتها ستقوم بحرب واسعة إنما محدودة الأهداف، تتضمن غزواً برياً من أجل إنشاء حزام أمني بعمق 10 كيلومترات يكون خالياً بمعظمه من السكان. وتضيف المصادر أنّ القيادة الإسرائيلية تدرك التحدّيات المترافقة مع وجود قواتها في حزام أمني، الاّ أنّها تعتبر أنّ بين التعايش مع خطر داهم باجتياح المستوطنات الشمالية ومخاطر الحزام الأمني، فإنّها تفضّل الخيار الأخير. فالخيار الأول يمثل تهديداً وجودياً إنما الآخر فهو أمني. فإسرائيل تعمل على تجنّب سيناريو مستقبلي مشابه للسابع من تشرين الأول على حدودها الشمالية.
من مقالة رياض قهوجي: أهداف التصعيد الإسرائيلي المتدرج لحرب محدودة في لبنان… ربيع ساخن ميدانياً