راز تسيمت- يديعوت احرونوت
قائد الحرس الثوري في سورية ولبنان، محمد رضا زاهدي (حسن مهدوي)، الذي تم اغتياله في ضربة في دمشق تُنسب إلى إسرائيل، هو القائد الإيراني الأرفع الذي تم اغتياله منذ اغتيال قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري قاسم سليماني، على يد الولايات المتحدة في كانون الثاني/يناير 2020. اغتيال الزاهدي الذي كان سابقاً قائد ذراع البر في الحرس الثوري ورئيس قسم العمليات في التنظيم، ينضم إلى سلسلة طويلة من الضباط الإيرانيين الذين قُتلوا منذ مطلع أيلول/سبتمبر 2023، في عمليات في سورية تُنسب إلى إسرائيل، بينهم رئيس قوة المساعدة في “فيلق القدس”، سيد رضا موسوي، الذي قُتل في أواخر شهر كانون الأول/ديسمبر 2023. اغتيال زاهدي له أهمية خاصة بسبب حقيقة أنه تم اغتياله في منطقة تابعة للسيادة الإيرانية، السفارة في دمشق.
في الأشهر الماضية، هدد المسؤولون الإيرانيون بردّ حاد على سياسة الاغتيالات التي تنفّذها إسرائيل. وعلى الرغم من ذلك، فإن إيران اكتفت بردود محدودة حتى الآن. في 17 كانون الثاني/يناير، قالت شبكة الميادين، المقربة من حزب الله، إن سفينتين بملكية إسرائيلية أصيبتا بضربات نفّذها “الحرس الثوري” في المحيط الهادي، رداً على اغتيال موسوي ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” صالح العاروري. وكذلك الضربات التي نفّذها “الحرس الثوري” عبر صواريخ على أهداف في شمال العراق، تعتبرها إيران أنها “قيادة الموساد في كردستان العراق”، جرى تقديمها على أنها ردّ على الاغتيالات في سورية.
وفي الوقت نفسه، ارتفعت الأصوات التي تطالب بزيادة حدة الرد الإيراني على إسرائيل لاستعادة الردع في مقابلها. موقع أنباء إيراني أشار في أعقاب اغتيال موسوي، إلى أن عمليات إسرائيل الأخيرة تعكس ارتفاعاً غير مسبوق في “درجة وقاحة الصهاينة”، وأن عدم الرد على الضربات الإسرائيلية يمكن أن يكشف ضُعف إيران. وطالب الموقع بإرسال رسالة واضحة تجبر إسرائيل على إعادة البحث في سياساتها إزاء إيران، عبر إطلاق صواريخ على مناطق حساسة في تل أبيب مثلاً، كموقع وزارة الدفاع. وقالت صحيفة إيرانية محافظة أنه حتى لو كانت إيران أيضاً غير معنية بالانجرار إلى حرب شاملة مع إسرائيل، فعليها تصعيد ردها ضد إسرائيل من أجل ترميم الردع.
وعلى الرغم من هذه الأصوات، فإن القيادة الإيرانية لا تزال حذرة، حتى الآن، من التصعيد في مواجهة إسرائيل. وبحسب “نيويورك تايمز”، فإن المرشد الأعلى لإيران وجّه أوامره في مطلع سنة 2024 إلى قيادات الجيش باتباع سياسة “الصبر الاستراتيجي” والامتناع من تصعيد كبير، يجر إيران إلى مواجهة مباشرة مع إسرائيل، أو الولايات المتحدة.
يبدو أن سياسة الاغتيالات الإسرائيلية وضعت إيران أمام معضلة جدية. فمن جهة، السعي للرد على الضرر الذي لحق بقياداتها الكبيرة، حتى إنها تقوم بذلك بصورة مباشرة، وليس عبر الأذرع في الشرق الأوسط - لأنها مرغمة على الرد بنفسها بحق أرصدة إيرانية، ولأن الرد عبر الأذرع يمكن أن يضيع في إطار الحرب الشاملة خلال الحرب في غزة. ومن جانب آخر، فإن الرد الحاد والمباشر ضد إسرائيل، عبر إطلاق “الحرس الثوري” صواريخ، أو مسيّرات، في اتجاه إسرائيل - من إيران، أو سورية، أو العراق- يمكن أن يضع طهران على مسار مواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل، أو حتى مع الولايات المتحدة. هذا بالإضافة إلى أن إيران لديها تحديات عملياتية واستخباراتية تفرض قيوداً على قدرة الرد المباشر، إمّا عبر ضربة عسكرية - بسبب قدرات الاعتراض المتقدمة لدى الجيش- وإمّا عبر العمليات ضد أهداف إسرائيلية، أو يهودية في الخارج.
اغتيال زاهدي يمكن أن يكون القشة التي تقسم ظهر البعير، ويدفع إيران إلى تغيير ميزان حساباتها الخاصة. في الواقع الحالي، سيكون من الصعب على القيادة الإيرانية الاستمرار في سياسة الاحتواء النسبية الخاصة بها، حتى لو كان الثمن المخاطرة بتصعيد إضافي، إمّا عبر الأذرع، وضمنها حزب الله، أو بصورة مباشرة.