"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

على من "تلأمن" نبيه برّي!

رئيس التحرير: فارس خشّان
الخميس، 12 سبتمبر 2024

“الشكر الجزيل جداً جداً، أيضاً لبعض اللبنانيين الذين تمنعوا عن استقبال نظراء لهم في الإنسانية وفي المواطنية شكراً لهم، و”شيمتنا الصدر” حيال هذا التصرف، شيمتنا، تعالياً وتجاوزاً للإساءات والتجريح، وتمسكاً أكثر من أي وقت مضى، بالوحدة الوطنية التي هي أفضل وجوه الحرب مع اسرائيل وبالتعايش الإسلامي المسيحي كثروة لا يجوز التفريط بها”.( رئيس مجلس النواب نبيه بري في خطابه في الذكرى السنوية لاختفاء الإمام موسى الصدر- 31 آب 2024)

لقد أخذتنا التطورات المتلاحقة، بعيدًا من هذا الكلام الذي قاله رئيس مجلس النواب نبيه بري، على الرغم من دلالاته المباشرة وغير المباشرة. وهو كلام جاء ليؤكد التقارير التي تفيد بأنّ هناك لبنانيين في مناطق متفرقة ومتعددة الانتماءات السياسية والحزبية والطائفية قد رفضت استقبال بعض النازحين من الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت، في الفترة التي فصلت بين اغتيال القائد العسكري ل”حزب الله” فؤاد شكر وإعلان الأمين العام للحزب الاكتفاء بالرد الذي تولّته “المقاومة الإسلامية في لبنان” في سياق ما سماه “عملية الأربعين”.

كان يمكن لكلمة بري في خطابه بمناسبة الذكرى السنوية لاختفاء موسى الصدر أن تتجاوز هذه الواقعة، خصوصًا أنّ المعنيين المباشرين بها لن يتأثروا بمواقفه ولطشاته وغمزاته، فهم لم يفعلوا ما فعلوه، إلّا عن سابق تصوّر وتصميم، وهدفهم الأساسي يتجاوز الباحثين عن منازل للإيجار المؤقت ليصيب قيادات “الثنائي الشيعي” مباشرة!

يعرف برّي هذه الحقيقة. يعرف أنّ غالبية المكوّنات اللبنانية غاضبة من “الثنائي الشيعي”، لأنّها تعتبره خطرًا عليهم وعلى وجودهم، فقياديّوه ، على سبيل المثال لا الحصر، “يشترون” بيئتهم الحاضنة بتقويتها على القانون، ويحطمون المؤسسات، وفي طليعتها القضاء، للسماح للمطلوبين المحميين منه أو المحسوبين عليه ليس من “المساءلة” فحسب بل من التحقيق أيضًا، وفق ما يحصل في ملف تفجير مرفأ بيروت، ويهيمنون على السلطة في لبنان، من خلال منع تكوينها، بإقفال المجلس النيابي أمام انتخاب رئيس جديد للجمهورية حتى يأتي واحد “على قياسهم”، ويسطون على “قرار الحرب والسلم” من خلال تسليمه، من دون قيد أو شرط، الى “المقاومة الإسلامية في لبنان”!

إنّ اللبنانيين الذين “تمنّعوا عن استقبال نظراء لهم في الإنسانية والمواطنية”، مهما كان رأينا وموقفنا ممّا فعلوه وسوف يفعلونه في المقبل من الأيّام، لم يغدروا بأحد، سبق لهم أن بدأوا بالتعبير عن أنفسهم، ليس منذ أقدم “الثنائي الشيعي” على ارتكاب جريمة غزو بيروت والجبل في السابع من أيار 2008 بل قبل ذلك، أي منذ اطلعوا على طريقة تعامل هذا “الثنائي” مع اللبنانيين الذين استقبلوا النازحين من حرب العام 2006. يومها، ولأهداف سياسية، أنكر “الثنائي الشيعي” عمومًا و”حزب الله” خصوصًا ما فعله اللبنانيون خدمة لبعضهم البعض، فشكر فئة تحالفه، مع أنّها لم تفعل الكثير، وافتأت على الفئات الأخرى، على الرغم من أنّها بذلت جهدًا كبيرًا. دسّ رجال مخابراته بين النازحين، من أجل إهانة من يعينهم على محنتهم، إذا كانوا من فئات وضعها في قائمة “الأعداء”. ومنذ انتهاء جريمة السابع من أيار 2008، راح “حزب الله” يتحدث مع المكونات الوطنية الأخرى من موقع الإستعلاء، فيهدد ويتوعد. وبعد اندلاع ثورة 17 تشرين الأول 2019، لم يترك “الثنائي الشيعي” ل”لصلحة مطرح” ففلّت زعرانه تحت لافتة “شيعة. شيعة. شيعة” من أجل ترهيب المعتصمين سلميًّا والتعدي على سلامتهم وكراماتهم.

وهذا نهج لا يمكن أن يتفق مع من يقول إنّ “شيمتنا الصدر”. من تكون شيمته كذلك، لا يفعل ما يفعله “الثنائي الشيعي” حتى أوصل، حتى أولئك الذين نذروا أنفسهم لوحدة لبنان وقاتلوا من أجل “دولته المركزية”، الى مستوى الحلم بالطلاق والتقسيم. هؤلاء لا يؤمنون لحظة بوجود استغناء فئة لبنانية عن أخرى، ولكنّ “الثنائي الشيعي” عمومًا و”حزب الله” جعلهم يكفرون بكل ما هو وحدوي. فجأة، وبالأدلة، تحوّلت الوحدة الوطنية إلى إهانة وتعتير وتفقير، واستغباء، وغلبة، واستكبار!

في الواقع، لا أعرف لمن توجه بري بشكره “اللئيم”. لمن امتنعوا عن استقبال النازحين الذين يرفعون صوره وحسن نصرالله أم الى “حزب الله” الذي ظهر بأنّه يضحي بلبنان ليس من أجل فلسطين التي لم يخدمها عمليًّا بشيء مفيد في حربه المفتوحة منذ أكثر من 11 شهرًا، بل من أجل إيران التي تناور وتفاوض وتتاجر؟

قد يكون برّي يستهدف “حزب الله” في إصراره على ذكر عدم استقبال بعض النازحين من بعض اللبنانيين، بسبب اعتماده نهج الإستفراد والإستقواء والتهديد والإهانة والترهيب. لقد سبق لبري أن فعل ذلك قبل سنوات، حين قال، بالمناسبة نفسها، لمن يظن نفسه قويًّا في لبنان”: “الإتحاد السوفياتي جاء به رغيف وأطاح به رغيف”!

المقال السابق
الجيش الإسرائيلي يسحب زورقًا انزلق نحو المياه الاقليمية اللبنانية
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

هل يعرف "حزب الله" فعلًا ما ألمّ به؟!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية