ليس صحيحًا أنّ لبنان خرج بعد خطاب الأمين العام ل “حزب الله” من دائرة الخطر، وأنّ الحرب التي تدق ابوابه اليوم لن تتمدد اليه في الأيام او الأسابيع القادمة. فحسن نصرالله الذي نأى من الناحية العملية بنفسه عن الحرب الشاملة، أبقي الباب مفتوحًا للمناوشة و المشاغلة مع الاسرائيليين على الجبهة اللبنانية. وبين السطور بدا كمن يفتح بابًا للمحافظة على قواعد الاشتباك السائدة منذ حرب ٢٠٠٦ مع الإسرائيليين. لكنّ هذه القواعد التي يعلن الطرف الإسرائيلي أنّه متمسك بها، ليست ثابتة في ظرف كالذي تمر فيه المنطقة.
فثمة رأي في المؤسسة العسكرية والسياسية الإسرائيلية يفيد بأن ثمة فرصة ذهبية لن تتكرر للتخلص من تهديد “حزب الله” من لبنان الى الابد، وذلك في سياق الحرب في غزة. فالمجتمع الإسرائيلي وعلى الرغم من الكلفة البشرية والاقتصادية العالية التي يدفعها مؤيد للعملية البرية ضد حماس والفصائل في غزة، وإذا ما بدا ان “حزب الله” تخطى الخطوط الحمراء المرسومة الآن قد يؤيّد حربًا على لبنان، حتى لو كلّف ذلك وقوع خسار فادحة في إسرائيل. فأيّ حرب من لبنان ضد إسرائيل ستواجه من قبل الاميركيين إذا ما طغت سردية حصول هجوم إيراني بواسطة “حزب الله” يتهدد وجود إسرائيل.
إذن، لبنان في خطر محدق قد ينزلق الى حرب لا يريدها أبناؤه في حال حصول خطأ كبير لاسيما من جانب “حزب الله”.
ومن هنا ثمّة من يعمل في المنطقة على اتفاق لوقف إطلاق النار من الجانبين على الجبهة اللبنانية تداركًا لأي خطأ مقصود أو غير مقصود من شأنه إذا ما حصل ان يشعل حربا بين “حزب الله” وإسرائيل يدفع فيها لبنان ثمنًا باهظًا اضعاف مضاعفة للثمن الذي دُفع في حرب ٢٠٠٦ التي تورط فيها “حزب الله” رغمًا عن ارادة اللبنانيين.
ثمّة من يعمل في المنطقة على اتفاق لوقف إطلاق النار من الجانبين على الجبهة اللبنانية تداركًا لأي خطأ مقصود أو غير مقصود من شأنه إذا ما حصل ان يشعل حربا بين “حزب الله” وإسرائيل يدفع فيها لبنان ثمنًا باهظًا اضعاف مضاعفة للثمن الذي دُفع في حرب ٢٠٠٦
هذه المرة الخطر كبير في أن يحاول الإسرائيليون توريط “حزب الله” في حرب تقلب مشهد حرب غزة وتمنحهم مزيدًا من الوقت لإتمام حربهم وسط دعم خارجي كبير.
على “حزب الله” وقبل خطاب نصرالله يوم السبت المقبل ان يقوم بما عليه لإخراج لبنان من دائرة الحرب الشاملة. وما من شك في انّ لطهران مصلحة في تجنّب المخاطرة بمصير حزبها في لبنان، وخصوصًا إذا ما دخل الاميركيون الحرب دفاعًا عن إسرائيل.
بناء على ما تقدم، لا بد لرئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي من أن يعمل بلا هوادة مع الاميركيين للتوصل الى وقف لإطلاق النار في الجنوب، وعليه أن يضغط مع شركائه في الحكومة (إذا توافرت لديهم الشجاعة) على “حزب الله” لإنهاء الحالة الشاذة في الجنوب اللبناني، فالتهديد لا يستهدف الحزب المذكور وحده، ولا الجنوب واهله وحدهم، بل لبنان بأسره. وما يسمى الغموض الاستراتيجي يحمل مخاطر كبيرة. لذا إنّ المغامرة بمصير البلد مرفوضة أيًّا تك ن الظروف والاعذار، وأيًّا تكن الجهة التي تغامر او تقامر بهذا البلد.
ومن هنا رأينا ان يستكمل الأمين العام ل “حزب الله” يوم السبت المقبل مساعي النأي بالنفس بخطوة إضافية على طريق اخراج لبنان واللبنانيين من دائرة الخطر التي نعتقد انّها لا تزال، حتى الآن، تحاصر البلد برمته.