“نرتدي ملابس وأحذية قديمة، نبتعد عن المساجد ونصلي في تجمعات صغيرة، لن نأكل الفسيخ والشوكولاتة والكعك ككل عام، لذلك فهو يوم كأي يوم”، هكذا يسرد عدد م ن سكان قطاع غزة، احتفالهم بأول أيام عيد الفطر في زمن الحرب، فلا توجد “بهجة أو فرحة” بعدما اضطر معظم سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة إلى ترك منازلهم.
أخاف من “الصلاة بالمسجد”
ومن مخيم “عشوائي” بمحافظة دير البلح بوسط قطاع غزة، يشير مازن المدهون، إلى أنه “لم يخرج من خيمته للصلاة في المسجد”، لأنه “لا يشعر بالأمان في أي مكان”.
وبسبب القصف الاسرائيلي على غزة، فإن” أكثر من ألف مسجد قد تضرر أو بات ركاما وأكوام دمار”، وفق وزارة الأوقاف الفلسطينية.
ويقول المدهون” أخاف من أي تجمعات.. وأخاف أن أصلي في المسجد.. ولم أذهب للصلاة بالمساجد منذ 6 أشهر”.
ويتابع:” قضيت مع أسرتي أول يوم العيد داخل مخيم عشوائي بأراض فارغة تجمع بها عدد من الأسر النازحة، ولا يوجد به كهرباء ولا مياه ولا صرف صحي”.
ويشير المدهون إلى أن لديه أربعة أطفال أكبرهم شابة عمرها 20 عاما وأصغرهم 12 عاما، لكنهم “قضوا أول أيام العيد بملابس وأحذية قديمة”، لكن رغم تلك الظروف فهو “يحاول أن يجعلهم سعداء”.
ويقول:” كان أمامي خياران أما الجلوس داخل الخيمة مع أسرتي أو المخاطر بالخروج للتنزه على ساحل بحر دير البلح، فاخترت أن أجازف وأخرج مع أسرتي للتنزه”.
ويضيف:” رغم خطورة الأمر، خرجنا على البحر للتنزه، هذا أقصى ما يمكن أن أقدمه لأطفالي حتى يشعروا بأجواء العيد”.
ويتحدث المدهون عن بعض العادات التي اعتاد سكان قطاع غزة ممارستها خلال أول أيام العيد كل عام ومنها “أكل الفسيخ والكعك وتوزيع الشيكولاتة”.
والاستمرار في تلك العادات “أصبح شبه مستحيل”، فلا يوجد “فسيخ ولا شيكولاتة”، لكننا “سنعمل شيء بسيط من الكعك لأن الأسعار غالية والغاز والسكر والطحين يكاد يكون نادرا وحصلنا عليه من بعض سكان المنطقة الأصليين”، وفق المدهون.
ويؤكد أنه “حاول أسعاد أطفاله بكافة السبل المتاحة، حتى يشعروا أن هناك أجواء عيد”، لكنهم “يدركون جيدا أنه لا توجد أعياد في ظل الحرب، وأنه مجرد يوم من ضمن الأيام”، على حد تعبيره.
لأحد، بدأ عشرات النازحين الفلسطينيين بالعودة من مدينة رفح إلى خان يونس، بعدما سحبت إسرائيل قواتها من جنوب قطاع غزة.
ومن بين هؤلاء الشاب العشريني محمد لؤي، الذي يقول إنه وأسرته أقاموا صلاة العيد في تجمعات صغيرة أمام خيم، بعدما تدمرت منازلهم.
“ولا يوجد في خان يونس ما يوحي أنها كانت مدينة أو كان بيها حياة، فلا كهرباء ولا مياه ولا إمدادات صرف صحي، وكأنها عادت 100 عام للوراء”.
ويتابع:” لا يوجد ملابس جديدة ولا كعك ولا مظهر ولا أجواء للعيد الذي اعتدناه كل عام، يوجد بالفعل عيد لدى الناس في جميع أنحاء العالم لكنه يوم كأي يوم هنا في غزة”.
وملابسنا قديمة نغسلها على الأيدي ونعيد لبسها، وأحذيتنا بالية، فنحن نستخدمها منذ 6 أشهر ولم نغيرها أو نشتري أخرى جديدة بالتزامن مع العيد، حسبما يؤكد.
ويضيف:” رغم ذلك صلينا أمام الخيم، وقمنا بمعايدة بعضنا البعض، وجلسنا نتذكر بيوتنا بعدما أصبحت خان يونس كومة من الركام والحجارة”.
ويشير لؤي إلى مجموعات من الشباب والأهالي “قاموا بالذهاب لمنازل القتلى لمؤاساة أهاليهم، كشكل من أشكال التضامن والترابط والتآخي خلال العيد”.
وتحول جزء كبير من قطاع غزة، وهو أحد أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان في العالم، إلى أنقاض، وتحولت الأحياء إلى أرض قاحلة، لكن لؤي يقول:” نتمنى توقف الحرب.. وأن نعيش بأمان في ركام منازلنا لنبدأ إعادة الحياة من جديد”.
“يوم كأي يوم”
وتبقى رفح الجنوبية الملاذ الأخير للمدنيين الفلسطينيين الذين نزحوا بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل الذي دمر أحياءهم السكنية، ويتكدس في المدينة حوالي 1.5 مليون فلسط يني هربا من الحرب المستمرة منذ 6 أشهر.
ويعيش هؤلاء النازحين وسط أجواء صعبة للغاية ونقص في الغذاء والماء والمأوى، وبينهم الطفلة ذات الـ13 عاما، ديما أشرف، والتي تقول:” هنا لا يوجد عيد نحن بالخيم ولسنا في منزلنا، فكيف نكون سعداء؟!“.
وتضيف الفتاة الفلسطينية النازحة بصوت يغالبه البكاء:” أنا وأمي وأشقائي الأولاد نعيش في مخيم برفح، بينما شقيقاتي البنات يتواجدون حاليا في شمال غزة، ولا نعرف كيف نقضي العيد وهم ليسوا معنا”.
أما الفتاة الفلسطينية النازحة من شمال غزة والتي تعيش حاليا في رفح، مرح عبد الرحمن، فتقول:” العيد بالمعتاد بهجة وفرح لكن الحزن يخيم علينا”.
“ونحن نعيش في خيم بعيدة عن منازلنا وأهلنا وأحبابنا، ولا يوجد عيد في وقت الحرب، وعشنا يوم عادي كأي يوم”، وفق حديث الشابة ذات الـ19 عاما