مع حلول الشهر الثاني على احتجاجات السويداء جنوب سوريا، تستمر ساحة الكرامة وسط المدينة، باستقبال المظاهرات اليومية، المطالبة بالتغيير السياسي والانتقال السلمي للسلطة، وهو ما استقطب اهتماما إقليمياً ودولياً لافتاً، كشف عنه رئيس الطائفة الروحية للموحدين المسلمين الدروز حكمت الهجري، الذي استقبل مؤخراً اتصالاً من السيناتور الأمريكي فرينش هيل للاستفسار والاطمئنان عن الأوضاع في المنطقة الجنوبية وسوريا بشكل عام وذلك وسط قلق دولي واسع من “رصاص” النظام على المحتجين السلميين.
وقال مصدر مقرب من الرئاسة الروحية، حول اتصال السيناتور الأمريكي، بأن ذلك يأتي ضمن “الاتصالات اليومية وجموع الوفود التي يستقبلها الرئيس الروحي لطائفة المسلمين الموحدين سماحة الشيخ حكمت الهجري، الذي تلقى، 15 أيلول، اتصالاً هاتفياً من السيناتور الأمريكي فرينش هيل، ممثلاً عن الحزب الجمهوري”. وأضاف المصدر، أن السيناتور الأمريكي سأل الهجري عن الأوضاع في السويداء، وعموم سوريا، فيما تحدث الشيخ عن المطالب المحقة للشعب السوري ورفض الظلم على كل السوريين، والتأكيد على وجود مطالب محقّة ومشروعة لدى أبناء السويداء والسوريين عموماً، بالعيش الكريم في وطنهم، سوريا الموحدة.
تواصل “روحي” مع لبنان
وجرى اتصال هاتفي بين شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى والرئيس الروحي للطائفة في سوريا الشيخ حكمت الهجري الذي اكد خلال الاتصال “سلمية التحرك وأن الدولة ملزمة تأمين حقوق الشعب والمناطق المحرومة، وان الشباب المنتفض له الحق في التعبير عن رفضه لسياسات الإذلال والإهمال”، مشيرا إلى أن “المشايخ الأفاضل والأهالي عموما لا يقبلون احتلال بلدهم، مهما كان نوع هذا الاحتلال ولا يرضون إطلاقا تحويل السويداء الى بؤرة فساد وخروج على القانون الاخلاقي والاجتماعي”.
وختم الشيخ الهجري: “إننا متكلون على الله تعالى في ما نقوم به ونواجهه على أمل الإصلاح وتحقيق المطالب المعيشية والاجتماعية والوطنية المحقة”.
من جهته أكد الشيخ أبي المنى “الثقة الكاملة بحكمة الشيخ الهجري ومشايخ جبل العرب العقلاء وشخصياته المعروفية والوطنية ورجاله الميامين”، مجددا “اعتزاز اخوانهم في لبنان بشجاعتهم ومواقفهم الوطنية الثابتة”، ومحذرا من “محاولة إذلالهم وتخوينهم، وهم أبناء العروبة الأصيلون وأبناء سلطان المجاهدون والوطنيون بامتياز والعرب الأقحاح، وهم الذين كانوا وما زالوا قادة الرأي والميدان من أجل استقلال سوريا ووحدتها وكرامة شعبها، وهم رجالها الأشداء الذين ما كانوا يوما إلا وطنيين موحدين موحدين”.
وختاما شدد الشيخان ابي المنى والهجري على “ضرورة إبقاء التحرك سلميا، ليكون نموذجا أرقى في الوطنية وصون الكرامات والترفع عن الإساءات لما فيه خير الجبل والوطن”.
تفاعل دولي
ودخلت انتفاضة السويداء أسبوعها الخامس على التوالي، بينما لا تزال ساحة الكرامة في مركز المدينة، مسرحاً للتظاهرات السلمية كل يوم، من الصباح وحتى المساء.
وبات شكل الحراك أكثر وضوحاً، مع تمسك الشارع بالمطالب السياسية الداعية إلى التغيير، وتنظيم المظاهرات اليومية بالحد الأدنى من العدد في المدينة، مع حشد الآلاف كل يوم جمعة في مظاهرة مركزية. وأخذ الحراك في الأرياف طابعاً تنظيمياً أيضاً، “فبعد إغلاق معظم الفرق والمراكز الحزبية، بات منسقو الحراك في كل منطقة، يتفقون على مساء يوم محدد، لحشد مظاهرة في قرية معينة، بحضور أهالي القرى المجاورة”.
ومن الواضح أن الحراك الشعبي مستمر إلى أجل غير مسمى، خصوصاً مع دعم الهيئات الروحية للمطالب المشروعة، ما أكسب المظاهرات زخماً غير مسبوق، حيث باتت السويداء تنبض يومياً بالمظاهرات والاحتجاجات.
وتجمع الأحد، العشرات في ساحة الكرامة، تحت شعار “الدين لله والوطن للجميع” وسط ترديد هتافات مناوئة لرأس النظام مثل “يسقط حكم البعث ” كما هتف المتظاهرون بـ “سوريا بدا حرية.. يلا ارحل يا بشار.. سوريا لينا ما هي لبيت الأسد”. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن عبارات “يسقط البعث” انتشرت على جدران أحد المدارس” بينما يستمر الحراك الشعبي في ساحة السويداء تأكيدا على مطالبهم المحقة.
وشهدت بلدة قنوات في ريف السويداء انتشار عبارات على أحد مدارس البلدة خطها مجهولون وجاء فيها “براعم الطفولة تروي بالحب والعلم لا بشعارات البعث الفاسدة”، و “صديقي المدرس قبل ترديد الشعار حكم ضميرك”، “المدارس مناهل للعلم وليس مداجن للبعث.. يسقط البعث”. وكانت قد حذرت مجموعة من الدول الغربية النظام السوري من استخدام العنف ضد المحتجين في السويداء. وذلك بعد إطلاق رصاص على محتجين تسبَّب بوقوع 3 إصابات.
وأعربت الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، عن قلقها البالغ إزاء التقارير عن استخدام النظام العنف ضد المحتجين في محافظة السويداء. وقالت السفارة الأمريكية لدى سوريا في بيان: “ندعم حق الشعب السوري في التظاهر بسلام من أجل الكرامة والحرية والأمان والعدالة”. مؤكدة أن “الحلّ السياسي وفقاً للقرار الأممي رقم 2254 هو الحل الوحيد الممكن لهذا النزاع”. بدورها، دعت المبعوثة الفرنسية الخاصة إلى سوريا بريجيت كرمي، النظام إلى “الامتناع عن استخدام القوة ضد المتظاهرين السلميين”.
وطالبت الممثلة البريطانية الخاصة بشأن سوريا آن سنو، النظام بوقف “الهجمات على المدنيين والانخراط بجدية في حوار سياسي شامل بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254”.
وأكد المبعوث الألماني الخاص إلى سوريا ستيفان شنيك، أن أصوات المحتجين “تستحق أن تُسمع لا أن تُسكتها البنادق”. مشدداً على أن بلاده ستواصل “متابعة مساءلة المسؤولين عن قمع المدنيين” في سوريا. وفي السياق ذاته، قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية غير بيدرسون. إنه يواصل متابعة الأوضاع في السويداء بقلق. وأكد “ضرورة حماية المدنيين واحترام حقوق الاحتجاج السلمي».