"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

أحدث "أساطير" حزب الله!

رئيس التحرير: فارس خشّان
الجمعة، 19 يوليو 2024

قبل أيّام قليلة، أجرت قناة “سي. أن. أن” الأميركية، مقابلة تلفزيونية مع ابراهيم الموسوي، وهو أحد النوّاب اللبنانيّين المنتمين الى “كتلة الوفاء للمقاومة”، الذراع البرلماني ل” حزب الله”. إلى هنا، الخبر عادي جدًا. ولكن، بعيد انتهاء بث هذه المقابلة، بدأت الماكينة الدعائية الخاصة بهذا الحزب، بإعطاء ما حصل أبعادًا سياسيّة وعسكريّة، حتى ظنّ متابعو حملة استثمار الإطلالة الموسويّة على الشاشة الأميركية بأنّ “حزب الله” لم يصل الى القدس فحسب، بل رفع راياته الصفراء فوق البيت الأبيض، أيضًا. الموسوي نفسه دخل على الخط، وقال في تقييم لهذا “الحدث الاستثنائي” إن إطلالته هذه “تعكس التحوّلات التي صنعها طوفان الأقصى وصمود غزة والجنوب. تحوّلات أعادت صوغ الوعي لدى شرائح أميركية واسعة. ويبدو أنّ الإعلام الأميركي بات ملزمًا بالتكيّف مع الحقائق الجديدة حتى لا يفقد مصداقيته أمام جمهوره بالدرجة الأولى”. وما لم يقله إبراهيم الموسوي قالته الماكينة الدعائية التي اعتبرت أن الولايات المتحدة الأميركية خسرت أمام “حزب الله” الذي كانت قد صنفته بالأمس إرهابيًّا ووضعته اليوم على أهم منصاتها الإعلامية.

ماذا يعني كل ذلك؟

يسعى “حزب الله”، منذ بدأت الشكوى تكبر من كثرة الخسائر البشرية التي يتكبدها والبيئة العامل فيها مقابل ضآلة الخدمات التي يقدمها لغزة، الى تقديم “صورة النصر”، وفق تكليف أصدره الأمين العام للحزب حسن نصرالله. وعليه، يلجأ جهاز الدعاية في “حزب الله”، وعن سابق تصوّر وتصميم، إلى تضخيم كل ما يحصل، بغض النظر عن فقدان المنطق العلمي في ما يذهب إليه. ويهدف “حزب الله” من “صورة النصر” التي يصر على إظهارها، إلى تمكينه من مواصلة الحرب الحدوديّة، من جهة أولى، وتبخيس أصوات معارضيه الذين لا يرون في كل ما يقدم عليه، سوى التضحية بلبنان على مذبح “الأجندة الإيرانية”، من جهة أخرى. ويقود نصرالله حملة “صورة النصر” هذه، فمن يستمع الى خطاباته، يعتقد، لوهلة، أنّ إسرائيل لاهثة الى وقف العدوان على غزة، لسبب واحد، وهو التخلّص من ضغط “حزب الله”، ومن يدقق في أدبيات هذا الحزب، يتوهّم بأنّ سلاح الجو الإسرائيلي لا يجرؤ على إرسال طائرة واحدة إلى لبنان، خوفًا من فاعلية صواريخ أرض- جو التي تملكها “المقاومة الإسلامية في لبنان”، ومن يتابع خطابات هذا الحزب يظن أنّ نجاة عسكري إسرائيلي هزيمة ومقتل قائد فيه هو انتصار كبير!

وفي سياق “صورة النصر” هذه يأتي إعطاء مقابلة إبراهيم الموسوي لقناة “سي. أن. أن” أبعادًا “أسطوريّة”.

ويتغاضى “جهاز الدعاية في حزب الله” عن جملة حقائق مهمّة، فقناة “سي. أن. أن” أرسلت، قبل أيّام من الاجتياح الأميركي لأفغانستان، فريق عمل الى مكان حدده لها زعيم تنظيم القاعدة في حينه أسامة بن لادن، لإجراء مقابلة مطوّلة معه. بطبيعة الحال، بيّنت التطورات اللاحقة لهذه المقابلة التلفزيونية، أنّها لم تكن “انهيارا أميركيًّا” أمام تنظيم القاعدة، ولا استسلامًا “أمبرياليًّا” أمام صموده الأسطوري في مواجهة الضغوط الأميركية.

كما أنّ جهاز الدعاية هذا يتناسى أنّه قبل اجتياح العراق، أرسلت قناة “سي.بي. أس” الأميركية فريق عمل الى بغداد، حيث أجرى مقابلة مطوّلة مع الرئيس العراقي، في حينه، صدّام حسين. ولم تكن هذه المقابلة دليلًا على رغبة الإدارة الأميركية بمصالحة الزعيم العراقي، بسبب إثبات قدراته التسليحية والشعبية، ولا ترجمة لإرادة التصالح معه، ولا مؤشرًا على تراجع التصميم عن الإطاحة به.

والأمثلة التي تندرج في هذا السياق كثيرة جدًا، ولا مجال لذكرها كلّها.

في الواقع، وإذا استندنا الى الأسبقيات التلفزيونية الأميركية وأردنا استخلاص نظريات منها، يظهر أنّ كل انفتاح على “العدو” هو إشارة الى قرب توجيه ضربة قاضية له. هذا حصل مع أسامة بن لادن قبيل اجتياح أفغانستان، ومع صدام حسين، قبيل الهجوم الأميركي الذي أطاح به وبنظامه.

وهذا يعني أنّ ما يحاول “حزب الله” تصويره، في ضوء استضافة “سي. أن. أن” لأحد نوّابه، تقدّم الأسبقيات التاريخية أدلة على ما يناقضه تمامًا.

المقال السابق
العالم يكتشف نموذج من " الخيال العلمي".. شلل يصيب العالم بسبب "عطل في الانترنت"!
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

"حزب الله" خسِر وخسّرنا!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية