ثمّة آية في القرآن الكريم لمعاقبة المرأة تقول: ” […] اهْجُرُوهُنَّ في الْمَضَاجِعِ… َ” بينما في النشرات والمقالات العلمية الحديثة، هناك اتجاه على حثّ المزيد من الأزواج والزوجات على ما يُعرف بـ “طلاق النوم”، بعدما أثبتت الدراسات الحديثة فعالية جودة النوم في العلاقات الزوجية وتفوّقها حتى على القرب الجسدي، فبسبب شريك يشخر، يركل، يتقلّب، يشد الغطاء، يتفقّد هاتفه، يقرأ أو يشاهد التلفزيون… يتجّه المزيد من الأزواج إلى النوم في غرف منفصلة.
وأول ما يطرأ على ذهن المرء عند سماع مصطلح “طلاق النوم”، هو أنّ هناك شجارًا حادًا وقع قُبَيْل الذهاب إلى الفراش دفع بأحد الشريكين الى قضاء الليلة على الأريكة في غرفة الجلوس. و”طلاق النوم” من المواضيع الحساسة التي “يحرّم إثارتها في بعض المجتمعات، فلحياة زوجية طبيعية وصحية ومثمرة يفترض أن ينام الشريكان معًا في سرير واحد، حتى لو كان ذلك على حساب “جودة النوم”.
وقلة النوم غالبًا ما تكون السبب في صراع بين الشريكين وعدم القدرة على تفسير المشاعر، علاوة على تسبّبها بمشاكل صحيّة مزمنة للشخص كالسمنة والسكري وأمراض القلب والتدهور المعرفي، وتقول مي: ” كثيرًا ما استيقظ مستاءة من زوجي بعد ليلة نوم سيّئة، على عكس ليلة نوم مريحة بحيث تنعكس بشكل إيجابي على علاقتنا وتقلّل كثيرًا من المشاحنات والشعور بالإحباط”.
في فرنسا، وفقًا لاستطلاع لعام ٢٠٢٢ ينام ١٠٪ من الأزواج في غرف منفصلة. ويصل هذا الرقم إلى زوج من ثلاثة في الولايات المتحدة الأميركية حسب استطلاع أجري في العام ٢٠٢٣.
العوامل التي تؤدي إلى “طلاق النوم”
*الشخير والركل
في الظاهر يبدو مصطلح “طلاق النوم” قاسياً، إلا أنه في الواقع يعطي الأولوية للنوم، فالشخير “الصاخب” لأحد الشريكين هو من أكثر المشكلات الشائعة التي قد تؤدي إلى الانتقال إلى غرفة منفصلة ليلاً، و”هذا أمر مشروع” بحسب الطبيب مارك ألوا، الأستاذ الباحث في “ناشيونال جويش هيلث” في كولورادو، والمسؤول عن علوم السلوك والنوم في شركة “سليب نامبر” المتخصصة في الأسرّة الذكية، ويقول إنّ “مشاركة السرير مع شخص يعاني من الشخير الشدي د يضاعف ثلاث مرات خطر صعوبة الاستغراق في النوم أو حتى الاستمرار فيه، ويضاعف مرتين احتمال الشعور بالتعب والنعاس في اليوم التالي، وعندما يحدث الشخير أثناء النوم العميق، فإنه يوقظ الشريك في اللحظة التي يكون قد دخل فيها إلى المراحل الأخيرة من دورة نومه”.
وتقول لورين هايل، أستاذة الطب الوقائي وخبيرة سلوك النوم في جامعة ستوني بروك بولاية نيويورك، إنّ “الرجال أكثر عرضة للشخير، مما يزيد من احتمالية الاستيقاظ الليلي لدى الشريكة، وأن النساء بطبيعتهن يستيقظن بشكل متكرّر خلال الليل، ويعانين من نوم أقل جودة كما أنّهن أكثر عرضة للأرق مقارنة بالرجال، وتزداد هذه الاحتمالية عند مشاركتهن النوم مع شخص آخر، فالرجال الذين هم غالبًا أكبر حجمًا من المرأة، تكون ركلاتهم مثلًا أكثر إزعاجًا وإيلامًا مما يتسبّب في إيقاظها مرارًا وتكرارًا خلال الليل”.
وعلى الرغم من عدم وجود أي دليل حسّي لغاية الآن على أنّ نوم النساء “تحسّن بشكل كبير” بعد النوم بمفردهن، إلا أن الإحصاءات أظهرت أنهن يستيقظن بمعدل أقل بكثير في هذه الحالة.
*اختلاف مواعيد النوم
ومن العناصر التي تسبّب مشاكل في النوم أيضًا اختلاف مواعيده، إذ غالبًا ما يشتكي الأشخاص الذين يتشاركون السرير مع شخص يعمل ليلاً من قلّة جودة النوم مقارنة بأولئك الذين ينامون مع شخص يعمل نهارًا، كما تظهر لديهم أعراض اكتئاب أكثر وعلامات ضعف إدراكي، وبالمثل، فإن الشخص الذي يميل إلى النوم مبكرًا يكون أكثر عرضة للاستيقاظ بسبب شريك يعتاد السهر لوقت متأخر، مما يؤدي إلى تقليص مدة نومه، وهذا ما يؤكده إدي إذ يقول: “أنا أحب أن أخلد إلى النوم باكرًا عكس زوجتي التي تفضّل السهر والتي في كل مرة تأتي فيها إلى فراشنا توقظني، فيتعذّر عليّ الاستغراق في النوم من جديد”.
كيف يمكن إيجاد الحل المناسب من دون التسبّب في جرح شعور الشريك؟
في إطار معالجتها لموضوع “طلاق النوم” نظمت كلية الطب في جامعة “هارفارد” ورشات عمل نصحت في ختامها الأزواج والزوجات بالآتي:
٠ ناقشا سلوكيات النوم المزعجة التي يرتكبها شريككما بعطف وتعاطف، وتحدثا عن المشكلات التي تنجم عن ذلك لكليكما.
٠ إذا كان من الصعب التواصل بشأن ذلك، ففكرا في جلسة استشارة زوجية مع اختصاصي لتوجيهكما.
٠ إذا كان شخير شريكك يوقظك، فحاول ارتداء سدادات الأذن، واستشارة الطبيب لمعرفة سبب الشخير.
٠ للحفاظ على علاقة جسدية نشطة يمكن النوم في سرير واحد خلال فترة القيلولة في النهار والانفصال ليلًا.
٠ إذا كان الإزعاج ناجم عن كثرة الحركة أو الأرق فيمكن النوم بشكل منفصل في الغرفة نفسها، أي كل واحد على سرير.
النوم في السرير نفسه: هل هو مفيد للصحة؟
هناك تيار نقض نظرية “طلاق النوم” عندما أظهر فوائد النوم معًا، إذ اعتبر أنّ الراحة والأمان العاطفي اللذين يوفرهما وجود الشريك يمكن أن يخفف التوتر ويُحسّن من جودة النوم، ويشرح توماس كيلكيني، مدير معهد طب النوم في نورث ويل هيلث في ستاتن ايلاند، “أن النشاط الجنسي والاحتضان البسيط يعززان من إفراز الأوكسيتوسين، وهو هرمون له تأثير مهدئ، مما يخلق شعورًا بالحميمية والأمان ويساعد على نوم مريح”.
وفي القرار بين الانفصال أو الالتحام، يبقى الاستناد إلى مدى احتياجات كلا الطرفين من دون التركيز على ما تمليه نظرة المجتمع، فإذا كان النوم معًا مناسبًا للبعض، فقد يرى آخرون اختيار أسرّة أو غرفًا منفصلة أكثر حفاظًا على صحّتهم وعلاقتهم، وطالما أن القرار مشترك والشريكين يتواصلان باستمرار، فلا ضرر في تجربة طرق مختلفة.