أضرار بالمليارات.. 50 % من النازحين يعانون ومصير "قاتم" يُخيّم على سوريا!

يغرق الشعب السوري بين فكّي تداعيات الحرب منذ 12 عاماً، ليأتي الزلزال ويُعمّق من معاناتهم ويفاقم مواطن الضعف في مواجهتهم الأزمات والكوارث الطبيعية، في تدهور شديد على مستوى الأوضاع الإنسانية، لاسيما منها الأمن الغذائي وخطورة المباني السكنية، لتكون الشرائح الهشة من السكان، كالنساء والأطفال وكبار السن وذوي الإعاقة، وكذلك الفقراء من الفئات الأكثر تضرراً.

كانت المناطق المتأثرة بالزلزال موطناً لحوالي 3 ملايين من النازحين داخلياً، حيث 50 % من مجموع النازحين داخلياً في سوريا كانوا يواجهون أصلاً صعوبات شديدة في أحوالهم المعيشية، ووفق توقعات البنك الدولي فسيزداد انكماش إجمالي الناتج المحلي السوري بمقدار 2.3 %، وقدر الأضرار المادية بـ3.7 مليارات دولار أميركية والخسائر بـ1.5 مليار دولار بعد الزلزال المدمر، أما احتياجات التعافي وإعادة الإعمار، فتُقدر بنحو 7.9 مليارات دولار على مدى ثلاث سنوات.

د وأفاد تقييم جديد للأضرار أصدره البنك الدولي أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لسوريا بنسبة 5.5 % في عام 2023 في أعقاب الزلزالين اللذين ضربا المناطق الشمالية والغربية للبلاد في السادس وفي العشرين من شباط، كما أنه في ظل محدودية الموارد العامة، وضعف الاستثمارات الخاصة، وقلة المساعدات الإنسانية التي تصل إلى المناطق المتضررة، فقد يشهد النمو الاقتصادي مزيدا من الانكماش إذا تباطأت أعمال إعادة الإعمار.

ووفقاً لتقرير التقييم السريع للأضرار والاحتياجات الناتجة عن الزلزال في سوريا لعام 2023، تقدر الأضرار المادية الناجمة عن الزلزال بـ3.7 مليارات دولار، أمَّا الخسائر فتُقدَّر بنحو 1.5 مليار دولار أميركي، ليبلغ إجمالي قيمة الأضرار والخسائر 5.2 مليارات دولار، كما تمثل الخسائر انخفاض الإنتاج في القطاعات الإنتاجية، وتقلص الإيرادات، وارتفاع تكاليف التشغيل في مجال تقديم الخدمات. ويتصدر قطاع الإسكان قائمة القطاعات المتضررة (24 % من إجمالي الأضرار)، تليه قطاعات النقل والبيئة (نتيجة التكلفة المرتبطة برفع الأنقاض) والزراعة.

وفي سيناريو المشهد القاتم المستمر، وعلى صعيد الخسائر، تكبد قطاع الزراعة أشد الأضرار، إذ انخفضت إمدادات المواد الغذائية بمقدار 1.3 مليار دولار (83 % من إجمالي الخسائر)، وتعرضت محافظة حلب لأكبر قدر من الأضرار (44 % من إجمالي الأضرار، أغلبها في قطاع الإسكان ثم الزراعة)، تلتها محافظة إدلب (21 %)، كما جاءت مدينة حلب أيضا على رأس قائمة المدن الأشد تضررا، إذ بلغ نصيبها نحو 60 % من مجموع الأضرار، تلتها اللاذقية (12 %)، وأعزاز (10 %)، حسب البنك الدولي.

ومن المتوقع أن يزداد انكماش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لسوريا بمقدار 2.3 نقطة مئوية في العام 2023 بسبب الزلزال، وذلك بالإضافة إلى انكماش سبق توقعه وقدره 3.2 في المذة للعام 2023 (بحسب المرصد الاقتصادي لسوريا - شتاء 2022/2023)، ويترقب البنك الدولي أن يزداد معدل التضخم بنسبة عالية في سوريا، والسبب الرئيسي في ذلك النقص في السلع المتوفرة، وزيادة تكاليف النقل، وارتفاع الطلب الكلي على مواد إعادة البناء.

يقدر التقييم السريع احتياجات التمويل لإعادة الإعمار والتعافي في المحافظات الست المشمولة بـ7.9 مليارات دولار، منها 3.7 مليارات دولار في السنة الأولى بعد الزلزال و4.2 مليارات دولار في السنتين التاليتين، وسط تأكيد على أن جهود الاستجابة يجب أن تعطي الأولوية للاحتياجات الأكثر إلحاحاً للمجتمعات المتضررة، ومنها ملاجئ الطوارئ، والغذاء، والمياه، وخدمات الرعاية الصحية، وذلك في فترة التعافي المبكرة (أي حتى فترة سنة من وقوع الزلزال).

بالتوازي وعلى مدى العامين التاليين، يجب أن تنتقل الجهود نحو إعادة بناء مرافق البنية التحتية المدمرة واستعادة الخدمات الأساسية، وكذلك مساندة المجتمعات المتضررة لإعادة بناء سبل كسب رزقها وتعزيز تنميتها المستدامة، وحسب البنك الدولي، يغطي التقييم السريع للأضرار والاحتياجات المحافظات الست الأكثر تأثرا بالزلزال، إضافة إلى تحليل معمق لتسع مدن وهي: حلب، وحارم، وجبلة، وعفرين، والدانا، وجنديرس، وأعزاز، وسرمدا، واللاذقية.

يأتي التقييم السريع للأضرار والاحتياجات الناتجة عن الزلزال عقب تقييم أولي أجراه البنك الدولي تحت عنوان التقدير الشامل السريع للأضرار بعد وقوع الكوارث في سوريا، الذي قدَّر الأضرار المادية الأولية المباشرة في سوريا ما بين 2.7 مليار دولار أميركي و7.9 مليارات دولار.