تقدم النائب ابراهيم كنعان، اليوم باستقالته “من الإطار التنظيمي للتيار الوطني الحر”.
وكانت هذه الخطوة متوقعة، بعدما لوّح “التيار” بأنّ هناك مآخذ “تنظيمية” و”سياسية” على كنعان.
كنعان حاول أن يستبق هذه الخطوة بدعوة الى حوار داخلي من دون شروط من شأنه أن يعيد جميع من طردوا أو استقالوا من التيار وبينهم الياس بو صعب، آلان عون، وسيمون أبي رميا، ولكن “التيار” رفض دعوته التي جاءت بمؤتمر صحافي، وزادها على المآخذ عليه.
وجميع المطرودين أو المستقيلين من “التيار” هم من المجموعة النيابية التي كان قد رفضت “تقاطع” الحزب الذي يترأسه جبران باسيل مع القوى المعارضة الأخرى، على ترشيح جهاد أزعور في مواجهة مرشح “الثنائي الشيعي” سليمان فرنجية.
وكتب التيار الوطني الحر على حسابه الرسمي على “إكس”: بعدما تمّت إحالته إلى مجلس الحكماء في ٢٤ آب ٢٠٢٤، وبعد استدعائه البارحة للمثول أمام مجلس الحكماء، وبعد رفضه الحضور ثلاث مرات متتالية الى الهيئة السياسية وعلى جدول اعمالها الوضع الداخلي للتيار، وعلى الرغم من تبليغه الدعوة على مجموعة الهيئة السياسية للتيار وعلى خطّه المباشر، وعلى الرغم من تحديد موعد له نهار الجمعة المقبل مع رئيس التيار، اختار النائب كنعان ان يقدّم استقالته من التيار في الاعلام، على ان يصدر التيار البيانات والمعلومات التفصيلية عن الموضوع.
ومساء، وتعليقاً على استقالة كنعان، صدر عن اللجنة المركزية للإعلام والتواصل في “التيار الوطني الحر” البيان الآتي: ” لم يكن خافياً على أحد أنَّ ما عمد إليه النائب ابراهيم كنعان في حركته الإعلامية الإستعراضية، هو قنبلة دخانية للتغطية على ما ارتكبه من مخالفات أوجبت إخراجَه من المجلس السياسي أولاً ومن ثم من الهيئة السياسية وبعدها إحالته إلى مجلس الحكماء.
وإبرازاً لبعض لحقائق يكشف التيار جزءاً من هذه المخالفات على ان يكشف بعضها الآخر لاحقاً وتباعاً؛
اختار النائب كنعان منذ زمن بعيد أن يسلك طريق الإنشقاق ورعاية وتكوين مجموعة من النواب داخل التيار تتّبع سياسة واداء خاصّين بها من خارج سياسة التيار ونظامِه، وذلك في محاولة لإحداث شرخ عامودي داخل التيار بدلاً من التزام النظام الداخلي مع احترام الديمقراطية والحرية والتنوع داخل التيار في الرأي والأفكار لما هو صالح “التيار”. وقد جرى تنبيهه الى ذلك مراراً، لكنّه لم يرتدع.
بتصرفٍ فوقي تمنّع كنعان لمدة اكثر من سنتين عن حضور اجتماعات المجلس السياسي، ولمدة سنة وشهر عن حضور اجتماعات الهيئة السياسية، مسارعاً الى إعلان تضامنه مع النائب الياس بو صعب بعد فصله من التيار بسبب اصراره واعلانه عدم التزام سياسة التيار ونظامه، بما يخالف أبسط قواعد النظام الداخلي والسلوك الحزبي.
أصر على التفرّد بسياسات خاصة به في المجلس النيابي والاعلام والعلاقات والاتصالات السياسية مع السفارات والاحزاب والمرجعيات والشخصيات وفي دائرته الانتخابية من دون التنسيق مع التيار او حتّى علمِه، وعمد أحياناً الى كسر قرارات “التيار”، بما يتجاوز الحق المشروع في تنوع الآراء، ومن بين هذه المخالفات التعاطي مع بعض القوانين الإصلاحية من الكابيتال كونترول وصولاً الى قانون الموازنة الأخير.
خلافاً لقرار المجلس السياسي والهيئة السياسية بعدم ترشيح رئيس “التيار” وأي حزبي لرئاسة الجمهورية، قدّم نفسه وقاد حملة في الإعلام ومع دعم ثلاثة نواب من “التيار” “في مجموعتِه” على أنه مرشح لرئاسة الجمهورية، وقد وُجهت اليه اكثر من مرة دعوات للتراجع عن هذا السلوك غير المألوف كونه يعرّض التيار للانتقاد والسخرية بالتناقض، فلم يمتثل.
أصرّ كنعان على خرق قرارات “التيار” المتعلقة بالإعلام، لجهة عدم امتثاله للآلية الاعلامية المعتمدة في التيار، وتعمّد الظهور في محطات تلفزيونية وفي اوقات محدّدة لإظهار التمايز عن رئيس التيار وبقية رفاقه.
وآخر مخالفات كنعان، مسرحية المؤتمر الصحافي الإستعراضية ومحاولة إيهام قواعد “التيار” بالسعي إلى “مبادرة” مزعومة في الوقت الذي كان يحرّض فيه على تأليف مجموعة من النواب التي تتحرك في شكلٍ مستقل عن “التيار” وتقوم بخطوات مخالفة لسياسته.
وعلى الرغم من كل ذلك، استوعب رئيس “التيار” لفترة طوي لة جداً هذه الممارسات وعقد جلسات مطوّلة معه بعضها بحضور نائب رئيس التيار تبيّن فيها محاولات من النائب كنعان ومجموعته لإدخال مفاهيم حزبية وتيارية جديدة وقلب النظام الداخلي واعتماد فوضى في الانتطام الداخلي والسياسي.
إن التيار الوطني الحر إذ يوضح هذه الحقائق، يترك الكلام الأخير عن كل المخالفات وسياقها السياسي لرئيس “التيار” النائب جبران باسيل في إطلالة إعلامية قريبة على محطّة otv، ويؤكد أهمية التضامن والتكاتف الداخلي والإلتزام بالنظام، وأن هذا المخاض الذي يشهده “التيار” لن يكون إلا محطةً جديدة في ترسيخ ديمومته واستمراريته”.
وجاء في كتاب الاستقالة:
“أهلي في التيار،
كنت قد عقدت في الرابع عشر من شهر آب الجاري مؤتمراً صحافياً أطلقت فيه نداء لإعادة جمع الشمل في التيار الوطني الحر، انسجاماً مع قناعاتي ومسيرتي ونزولاً عند رغبة القاعدة التيارية والعونية التي شاورتها قبل الاقدام على هذه الخطوة، التي أعطيت مهلة أسبوع للتجاوب معها.
وقد أتت قبلها بستة أشهر، مبادرة قمت بها بعيداً من الإعلام، من خلال اجتماعات سبقت وتلت رسالتي الى رئيس التيار في ١٠ نيسان ٢٠٢٤.
وقد انقضت مهلة الأسبوع وتوشك مهلة أسبوع آخر على الانتهاء من دون أن ألمس أي رغبة بالتجاوب مع أي محاولة توحيدية أو انقاذية، لا بل أن التصويب على المبادرة وعليّ شخصياً بدأ حتى قبل عقد المؤتمر، وبشكل وصل إلى حد المس بالكرامة.
بناء على ما تقدّم، وبما أن محاولتي للم الشمل والحفاظ على قوة المجموعة بوحدتها، لم تلقَ آذاناً صاغية،
وبعدما كان لي شرف المحاولة منذ أشهر داخل الأطر الحزبية، ومن خلال رئيس التيار، من دون أن أجد التجاوب المنشود،
وبما أن فكري ونهجي وعملي كان دائماً مع الجمع وضد التفرقة، وطنياً وسياسياً وحزبياً،
وانطلاقاً من مقولة الرئيس عون في كتابه “ما به أؤمن”: “عندما يُقال لي هذا مستحيل، أجيب يبقى لي شرف المحاولة”،
لذلك، وانسجاماً مع مسيرتي وقناعاتي، لم يبقّ أمامي سوى خيار الاستقالة من الإطار التنظيمي للتيار الوطني الحر، معاهداً المتنيين عموماً، والتياريين والعونيين والمناصرين والمؤيدين بالبقاء معهم على المبادىء التي نشأنا عليها أولاً لتبقى همومهم همومي، وتطلعاتهم تطلعاتي، ولتتواصل مسيرتنا التي بدأت منذ سنوات ستتواصل من أجل لبنان.
جديدة المتن في ٢٦ آب ٢٠٢٤
إبراهيم يوسف كنعان”