كشف بحث جديد أجري في الولايات المتحدة عن أن أحد النباتات التي تنمو في غرب أفريقيا - والتي كانت تستخدم على مدى قرون عدة في الطقوس الدينية - نتائج واعدة في المساعدة على علاج “إصابات الدماغ الرضية” Traumatic Brain Injuries [التي تحدث نتيجة ارتجاجات أو ضربة عنيفة على الرأس تتسبب في إتلاف الدماغ].
وتشير دراسة حديثة أجراها علماء الطب في “جامعة ستانفورد” الأميركية إلى أن “إيبوغاين”، وهي مادة مهلوسة مستخرجة من لحاء شجرة “إيبوغا”، قد تكون لها تأثيرات إيجابية كبيرة على أعراض المرضى الذين يعانون إصابات الدماغ الحادة.
وفي سياق الدراسة أجرى العلماء تقييماً للصحة العقلية لـ30 فرداً من قدامى المحاربين العسكريين الأميركيين، قبل سفرهم إلى المكسيك وبعد عودتهم منها لتلقي العلاج بهذا المخدر، الذي يعد استخدامه في المجالين الطبي والترفيهي [للحصول على النشوة] غير قانوني في الولايات المتحدة منذ عام 1970.
وتبين من التقييم العلمي أن متوسط تصنيف عجز المحاربين القدامى وفق مقاييس الإعاقة المعتمدة، انخفض من 30.2 قبل العلاج، إلى 19.9 بعده مباشرة، وإلى 5.1 فقط بعد شهر واحد، ما يشير إلى تحسن محتمل، ومواجهتهم حداً أدنى م ن الإعاقة في حياتهم اليومية.
مع ذلك، لا بد من الإشارة إلى أن نطاق الخطأ المحتمل لهذه الأرقام كان واسعاً نسبياً، وإلى أن الدراسة لم تأخذ في الاعتبار التأثير الوهمي لهذا للمخدر. من ثم فإنه من الضروري إجراء مزيد من الأبحاث لتحديد مدى فاعلية العقار وسلامته.
وجزم الدكتور نولان ويليامز أستاذ الطب النفسي في “جامعة ستانفورد” والباحث الرئيس في الدراسة، بأن “أي دواء آخر لم يتمكن من تخفيف الأعراض الوظيفية والعصبية النفسية لـ’إصابات الدماغ الرضية‘“.
ووصف البروفيسور ويليامز النتائج بأنها “مذهلة”، قائلاً: “نحن نعتزم إجراء مزيد من الدراسات لهذا المركب الدوائي”.
وكانت مجموعة متزايدة من الأبحاث قد كشفت على مدى العقود القليلة الأخيرة، عن أدلة تدعم الفوائد الطبية لتلك المخدرات المهلوسة، التي لا يزال استخدامها غير قانوني في أنحاء عدة من العالم، بما فيها عقار “أل أس دي” (ثنائي إيثيلاميد حمض الليسيرجيك) (LSD) Lysergic Acid Diethylamide و”سيلوسيبين” Psilocybin (الموجود في ما يعرف بـ”الفطر السحري”).
وكثيراً ما وصف دواء “إيبوغاين” كعلاج محتمل للإدمان، وقد سبق أن تناوله هانتر بايدن نجل الرئيس الأميركي جو بايدن عام 2014، في إطار محاولاته مكافحة إدمانه الكحول والكوكايين.
ولقيت هذه العقاقير المخدرة في الآونة الأخيرة استحسان قدامى المحاربين العسكريين الذين يعانون “إصابات الدماغ الرضية”. وتحدث هذه الإصابات عندما يتأثر دماغ الإنسان بقوى فيزيائية خارجية كالتعرض لضربة على الرأس، أو نتيجة وقوع انفجار على مسافة قريبة، مما يؤدي غالباً إلى مشكلات خطرة في الصحة العقلية كـ “اضطراب ما بعد الصدمة” Post traumatic stress disorder (PTSD).
وتحدث الدكتور ويليامز عن الأفراد الذين شاركوا في الدراسة قائلاً: “هؤلاء الرجال كانوا أفراد على قدر كبير من الذكاء، لكنهم عانوا من إعاقة وظيفية غيرت حياتهم بسبب ’إصابات الدماغ الرضية‘ التي تعرضوا لها خلال فترة وجودهم في ميادين القتال”.
وأكد أن “جميعهم كانوا على استعداد لتجربة أي شيء يرون أنه قد يساعدهم على استعادة حياتهم الطبيعية”.
من المهم الإشارة في هذا الإطار إلى أن الدراسة افتقرت لوجود مجموعة أفراد أخرى تحت المراقبة بعد إعطائهم علاجاً وهمياً بدلاً من المخدر الفعلي، من دون إبلاغهم. ويعني ذلك أن البحث لا يمكنه أن يستبعد بصورة قاطعة فرضية أن تكون الفوائد التي رصدت، ناجمة عن عوامل أخرى غير المخدر نفسه.
وأقر مؤلفو الدراسة بأن من الصعب إنشاء نسخة وهمية من دواء الهلوسة، لأن المرضى عادة يعرفون ما إذا كانوا يعانون الهلوسة أم لا.