دخلت تجربة جديدة، وُصفت بأنها “آخر فرصة” لجيل من لقاحات فيروس نقص المناعة البشرية، مراحلها الأخيرة. وتختبر التجربة، التي تسمى “بري فاكس” قاحين إلى جانب شكلين من استراتيجية الوقاية قبل التعرّض، لاختبار فعالية اللقاح مع توفير الحماية لمنع انتشار فيروس نقص المناعة البشرية، والوقاية قبل التعرّض، وهو مصطلح يعني استعمال الأدوية لمنع حدوث مرض لدى الأفراد الذين لم يتعرضوا سابقًا للعامل المُسبب للمرض، يُعتبر إحدى استراتيجيات الوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية.
وقد يشكّل نجاح هذا المشروع، الذي تقوده إفريقيا ويُنسّق من مدينة عنتيبي بأوغندا، وبدعم دولي، بداية مرحلة جديدة من تطوير اللقاح.
أما في حالة فشله، فقد يؤدي ذلك أيضًا إلى تخلي علماء المناعة عن جيل من اللقاحات.
وبعد مرور نحو 40 عاماً منذ تحديد فيروس نقص المناعة البشرية باعتباره سبباً لمرض “الإيدز”، وبعد مرور 36 عاماً منذ أول تجربة للقاح ضد فيروس نقص المناعة البشرية، لا يزال المجتمع الطبي يفتقر إلى لقاح فعال.
ورغم أن العلاجات المضادة للفيروسات القهقرية راسخة، إلا أن الوصول إليها يختلف. ويقدّر برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز أن 630 ألف شخص لقوا حتفهم بسبب أمراض مرتبطة بالإيدز على مستوى العالم في عام 2022، بينما يعيش 39 مليون شخص مع فيروس نقص المناعة البشرية، بما في ذلك 1.3 مليون شخص أصيبوا بالمرض حديثًا العام الماضي.
وقد تبين أن تجربة سريرية واحدة فقط، أجريت في تايلاند ونُشرت نتائجها في عام 2009، أظهرت فعالية متواضعة في الوقاية من الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية. وكانت فعالية ذلك اللقاح، المسمى “آر في ١٤٤” حوالي 30% (رغم أن النتائج لا تزال موضع نقاش).
وبهدف أن تُعتبر هذه التجربة ناجحة، يجب أن يحقق أي من اللقاحين اللذين يتم اختبارهما فعالية لا تقل عن ٪70.
ويجمع أحد اللقاحين أجزاء من الحمض النووي الاصطناعي لفيروس نقص المناعة البشرية مع قاعدة بروتينية، بينما يجمع الآخر بين الحمض النووي وفيروس الجدري ضعيف وقاعدة البروتين، مثل تلك المستخدمة في لقاح “ار في ١٤٤” .
وبدأ التسجيل في التجربة السريرية في ديسمبر/ كانون الأول 2020، وسجل آخر المشاركين البالغ عددهم 1513 في مارس /آذار 2023. وتتراوح أعمار جميع المشاركين بين 18 و40 عامًا ويعيشون في جنوب إفريقيا أو أوغندا أو تنزانيا.
وتعاني البلدان الثلاثة من ارتفاع معدلات الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز بين البالغين، حيث تقع ضمن أول 15 دولة في العالم ضمن القائمة وفقًا لتقديرات عام 2021.
مع ذلك، أوضح يوجين روزاجيرا، وهو مدير تجربة “بري فاكس” أن هذا ليس بالضرورة سبب اختيار هذه البلدان للمشاركة.
وتشير تقديرات المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها إلى أن اتباع إجراء الوقاية قبل التعرّض كما هو موصوف يقلل من خطر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية عن طريق الجنس بنحو 99%، وبين الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات عن طريق الحقن بنسبة 74% على الأقل.
وتقوم تجربة “بري فاكس” بتوزيع شكلين من أدوية الوقاية قبل التعرّض، هما عقار “تروفادا” وعقار “ديسكوفي” وتختبر ما إذا كان عقار “ديسكوفي” الأحدث يتمتع بذات الفعالية أو أفضل بين مجموعة التجربة.
ويقول المنظمون إن تقييم الجمع بين لقاح تجريبي لفيروس نقص المناعة البشرية واستراتيجية الوقاية قبل التعرّض يعد الأول من نوعه.
وإذا أثبت أحد اللقاحين أو كليهما فعاليته، فستكون هناك حاجة إلى مزيد من التجارب، ومن المرجح أن تشمل شركاء دوليين متعددين.
وفي حال فشلها، يتوقع جوناثان ويبر، منسّق تجربة “بري فاكس” ومدير مركز العلوم الصحية الأكاديمي في إمبريال كوليدج في لندن، أنه لن تكون هناك دراسة أخرى لفعالية لقاح فيروس نقص المناعة البشرية حتى عام 2030.
لكن بالنسبة لفريق تجربة “بري فاكس” والمشاركين فيه، ليس هناك خيار سوى الانتظار حتى نهاية عام 2024 والأمل في أن تكون نتائجها أفضل من التجارب الأخرى.