تلقّى عدد من سكان البل دات الحدودية الجنوبية في لبنان “اتصالات مشبوهة”، من متصلّين يتحدّثون اللهجة اللبنانية ويدّعون أنهم من مؤسسات رسمية أو خيرية، فيقترحون، بعد الاستعلام عن عدد أفراد العائلة وأماكن تواجدهم، تقديم المساعدات.
واللافت أنه، إثر هذه المكالمات، كانت تتعرّض هذه المنازل أو الأحياء التي تقع فيها، إلى قصف إسرائيلي وفق ما ذكرته مصادر لفرانس برس.
ويروي حسن شقير، حفيد أم حسين (75 عاماً) للوكالة الفرنسية، أن اتصالاً ورد إلى هاتف جده، من رقم لبناني بينما كان يأخذ قيلولة في 11 يناير في بيروت، بعد نزوحهم من مسقط رأسهم في بلدة الخيام، على وقع استمرار القصف الإسرائيلي.
ويقول شقير: “ردّت جدتي على الاتصال، فسألها المتصل إذا كان هذا رقم جدي، وأبلغها أنه من مصرف وأن ثمة مبلغا ماليا يتعين عليهم قبضه، ثم سألها (أنتم في الخيام أم في بيروت؟)، لينتهي الاتصال بعدما أخبرته أنهم في بيروت، من دون أن يخطر على بالها فوراً أنهم لا يملكون حسابا مصرفيا أساساً”.
وبعد وقت قصير، تعرضت بلدة الخيام لضربات إسرائيلية، طال أحدها الحي حيث منزل العائلة، وفق ما يقول شقير.
ولدى سؤالها عن الاتصالات، قالت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي لـ”فرانس برس” إنها “غير قادرة على الإجابة”.
تح قيق أمني
من جانبه، ذكر مصدر أمني لوكالة فرانس برس، أن مخابرات الجيش اللبناني وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، يتوليان التحقيق في”اتصالات مشبوهة” ترد إلى لبنانيين من متصلين إسرائيليين، يتمكنون من اختراق شبكة الاتصالات اللبنانية.
وبحسب المصدر، فقد استخدمت إسرائيل هذا التكتيك عدة مرات قبل استهداف منازل يتحصن فيها مسلحون من حزب الله، مما أوقع قتلى في صفوفهم.
وأشار إلى ضربة طالت منزلاً في قرية بيت ياحون في 22 نوفمبر، وأودت بخمسة مقاتلين من حزب الله، بينهم نجل رئيس كتلته البرلمانية محمد رعد.
ووفق المصدر، فقد تلقت صاحبة المنزل اتصالاً استفسر فيه المتصل عما إذا كانت العائلة في المنزل، ليتم استهدافه بعدها.
وإلى جانب تحذيره السكان من “مغبّة” التجاوب مع الاتصالات المشبوهة والمبادرة إلى الإبلاغ عنها، حذر حزب الله في بيان، من “اختراق إسرائيل كاميرات مدنية مثبّتة أمام المنازل والمتاجر والمؤسسات في القرى الحدودية، للاستفادة من المادة البصرية التي تؤمنها في جمع معلومات”، تتعلق بتحركات مسلحي الحزب لاستهدافهم.
ويروي أحد أبناء بلدة جنوبية، مقيم في بيروت، رفض الكشف عن هويته لأسباب أمنية، لفرانس برس، إنه تلقى اتصالاً من مسؤول محلي في حز ب الله، “طلب منه إطفاء كاميرات مثبتة في محيط منزله وفصلها عن شبكة الإنترنت”، موضحا أنه “امتثل لطلبه”.
“غير مشفرة”
ويشرح مدير المحتوى الرقمي لدى منظمة “سمكس”، التي تُعنى بالحقوق الرقمية، عبد قطايا، أن اختراق الاتصالات والكاميرات المدنية “مردّه إلى أن البنية التحتية للاتصالات في لبنان تفتقر لأدنى مقومات الحماية”.
وأوضح أن كاميرات المراقبة الخاصة، المستوردة غالبيتها من الصين، تكون موصولة بالإنترنت ليتمكن مالكها من مراقبتها عبر تطبيق يحمّله على هاتفه الخلوي.
وغالباً ما يكون الاتصال بالإنترنت والاتصالات الداخلية عبر الأرقام العادية والخلوية “غير مشفّر وبالتالي تسهل عملية الاختراق”.
وتمتلك إسرائيل، وفق قوله، “باعاً طويلاً في تقنيات التجسّس، ومعروف أن لديها قدرات اختراق كبيرة في لبنان، تتخطى الاتصالات لتشمل أجهزة ومناطيد وأعمدة استشعار”.
وتعرضت شاشات المغادرة والوصول في مطار بيروت الدولي وجرارات الحقائب، في السابع من يناير الجاري، لاختراق سيبراني لم تتضح هوية الجهة التي نفذته.
وقال وزير الأشغال العامة والنقل، حسن حمية، حينها إن “العمل جار مع الأجهزة الأمنية، لأن الخبرات في الأمن السيبراني لا تملكها أي ة مؤسسة في الدولة اللبنانية”.