"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

جهاد الزين/ الفيديرالية في المايوه

الرصد
الجمعة، 26 مايو 2023

جهاد الزين/ الفيديرالية في المايوه

يطلق “الفيديراليون” اللبنانيون كل التسميات على الفدرالية التي يريدونها سوى اسمها الحقيقي: الفيديرالية الدينية.

هذه حقيقتها وهي أن المسيحيين اللبنانيين الذين أعْيَتْهم وأتعبتهم واستنفدتهم “غلاظاتُ” غير المسيحيين عليهم على مدى أكثر من مائة عام يريدون أن يتخلّصوا من الصيغة الفرنسية لكيان لبناني حرمتهم من هناءة العيش في وطنٍ أرادوه لهم. لو بالشراكة مع آخرين.

مضى على محاولة تغيير الصيغة الفرنسية حوالي 48 عاما أي منذ انفجار الحرب الأهلية عام 1975. لا هي مشكلة مايوه ولا سروال ولاشروال ولا كوفية ولا عقال ولا هي مشكلة ثقافية لأن داخل كل طائفة مشاكل ثقافية في نمط العيش والتفكير بين ليبراليين اجتماعيا وبين فئةمتشددة، وهذه هي الحال داخل كل دولة عربية حتى حين تكون ذات أغلبية مسلمة أو نسيج مسلم.

لو كانت المسألة الفيديرالية محض تنموية لكان أكثر كانتون ضروري الوجود هو “كانتون” عكار والهرمل وبعض بعلبك، أو “كانتون” سيرالضنية وبشري ودير الأحمر أو “كانتون” راشيا وحاصبيا ومنطقة مشغرة ومزارعها الجنوبية أو “كانتون” إقليم الخروب وحي السلم وحارةالناعمة أو كانتونات المخيمات الفلسطينية. كلها على اختلافها الطائفي والديني ذات مشاكل اقتصادية واجتماعية تجعلها، لولا العقل الطائفي، مهيأة لتكون في كانتونات فدرالية مشتركة، كانتونات تنموية وليس طائفية.

بينما يمارس بعض المسلمين أقصى أنواع الكانتونية في الجنوب والبقاع الشمالي والشوف وعاليه العليا والمتن الأعلى وداخل طرابلس وصيدا وصور والنبطية بعد انقراض أو شبه انقراض المسيحيين في هذه المدن، فهم مع ذلك يرفضون الفدرالية كشعار صار يشبه رفض”تحجيم المقاومة” الفلسطينية بين 1975 و 1982 أو كشعار صار يشبه شعار “تحرير القدس” الخرافي التعبوي، والآن انضمّتْ “أدبيَّةٌ” سياسية جديدة إلى اللغة السياسية اللبنانية هي خرافة إعادة الودائع إلى المودعين في المصارف اللصوصية اللبنانية أو في مصارف اللصوص اللبنانيين والتي تحوّلت إلى نوع من الميتولوجيا منذ 3 سنوات، التجليطة التي تتقنها الطبقة الطبقات - السياسية اللبنانية وتبيعها كشعار مقدس للبؤساء والمسروقين مثل شعار تحرير القدس.

لكن ليست المعضلة في الدعوة الفدرالية، لأن على المسيحيين اللبنانيين أن يقبلوا في سياق الرفض المسلم اللبناني الدائم، أننا نحن المسلمين اللبنانيين لا نستطيع القبول بالفدرالية لأن ذلك يعني أننا ندعو من دون تفويض مئات الملايين من المسلمين العرب إلى تقسيم ديني أو طائفي لمصر و السعودية وسوريا والعراق وغيرها،وهذا ما لا تفويض لنا به ولا يمكن لأقلية صغيرة في العالم العربي هي مجموع المسلمين اللبنانيين ان يفرضوا على أكثرية ضخمة من المسلمين في العالم العربي الفدرالية الدينية.

لذلك علينا أن نبحث عن حل لهذه الصيغة المركزية الفاشلة لعلنا وجدناها في “اللامركزية الموسعة” التي يهرب منها السياسيون الفاسدون في الصيغة المركزية.

أريد أن أشدّد على نقطة جدية هي الموضوع الثقافي. القيم الثقافية الليبرالية اجتماعيا هي معركتنا جميعا مسلمين كنا أو مسيحيين. هذاالفارق يشارف على الانتهاء في العالم وهو في طور النهاية في منطقتنا في ظل الإصلاح الليبرالي الاجتماعي في المملكة العربيةالسعودية الذي يقوم به ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والموقع الدفاعي للأصولية الاجتماعية داخل إيران والعزلة المتصاعدةالتي يعيشها “الإخوان المسلمون” بعد انكشاف خططهم الحربْ أهْلوية والإرهابية في مصر وتونس وغيرهما، وحتى لو بدت الأيديولوجيا التعصبية قادرة في الظاهر على الهجوم.

إنها معركة في كل مكان في الشرق الأوسط وأوروبا وكل الغرب بل والعالم مع حق التمايز الفردي من جهة كي يعيش المرء أو المرأة كما تشاءأو يشاء، وضد كل أنواع المتشددين والمتعصبين في العالم إلى أي دين انتموا، من جهة ثانية.

ليست هناك معادلة فدرالية يمكن لمايو واحد أن يستوعبها، كما ليس هناك مايو واحد يمكن لمعادلة فدرالية أن تستوعبه! أعني أن الاختلاف الحياتي لم يكن أساسا أو منطلقا لتأسيس فدرالي مهما بلغت الفدرالية من جاذبية. الاختلافات القومية فقط نجحت في التأسيس الفدرالي وحتى العراق هو فدرالية قومية عربية كردية بينما لم ينجح التقسيم على أساس سني شيعي بين العرب العراقيين أنفسهم.

دعونا نسمِّ الفدرالية اللبنانية المنشودة باسمها الحقيقي وهو ليس قليل الاختزال لمعضلات عميقة جدا وتاريخية، إنما أقترح هنا أن نتذكّردائما كم ساهم صعود الإسلام السياسي الأصولي، السني أو الشيعي وكل الأصوليات المضادة في جعل المسألة الفدرالية التفاحةَالشيطانية المغريةَ دائما للاشتعال ولو الهواجسي.

فدرالية على أساس تنموي لا ديني… لمَ لا ! أو استمرار النضال لأجل اللامركزية الموسّعة.

النهار

المقال السابق
السويد.. أول دولة في العالم خالية من التدخين
المادة التالية
تعويم ...جهاد أزعور!

الرصد

مقالات ذات صلة

الحرب الإسرائيلية على الانقسام اللبنانيّ

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية