"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

بطاقة "امتياز الجمال".. عندما يصبح الجمال هدية مسمومة للمرأة

كريستين نمر
الجمعة، 26 مايو 2023

كثيرة هي النظريات التي تطرّقت إلى الجمال ومعاييره وفضائله، إلا أنه في الواقع، ثمّة مقاييس فرضت، ومازالت تفرض شروطها خصوصًا عند السيّدات، وقد أطلق عليها في علم النفس اسم “امتياز الجمال”، قد تكون كما يدل اسمها، ميزة، إلا انها بلا أدنى شكّ.. سيف ذو حدين.

فشرائع الجمال، مهما تطوّرت مع الزمن، تبقى مقيّدة، فأن تكون المرأة جميلة، يعني أن تتحلّى بمعايير قد تكون خيالية في أكثر الأحوال، إذ عليها أن تبقي شابة، وهو أمر مستحيل على نطاق العمر، وكذلك لتكون مثيرة عليها أنّ تتمتّع بجسم نحيف مع “منحنيات استراتيجية”.

ومتى تمتعت السيّدة بكل هذه المقوّمات وحقّقت هذا “الإنجاز الفذّ”، ستحصل على بطاقة “امتياز الجمال”، التي ستسهلّ لها المرور وتعبّد لها الطريق وتفتح أمامها الأبواب لعالم مليء بالفرص، فلياقتها البدنيّة قد تساعدها في كثير من الأحيان، لتكون مفتاحًا لمعاملة أفضل، وبفضلها قد تتبوأ أرقى المراكز وقد تصل إلى أعلى المناصب.

تحيّز جنسي

إلا أن مجموعة كبيرة من الدراسات، قد أثبتت أن للجمال تأثيرات كثيرة، لا سيما على صعيد الحياة اليومية، فوفقًا لدراسة أجرتها جامعة هارفارد في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن الأشخاص الذين يُعتبرون “جذابين” يتقاضون أجورًا تزيد بنسبة ١٠ إلى ١٥ ٪ عن أولئك الذين يتمتعون بجمال متوسط، وباتباع المنطق ذاته، فإن أحكام السجن للأشخاص الذين يُعتبرون قبيحين هي في المتوسط أثقل ب ٢٠٪ من غيرهم.

. وإذا كان تأثير معايير الجمال قد تنطبق على الرجال والنساء على السّواء، إلا أنّ تداعياته قد تكون أكبر وأكثر مباشرة على السيّدات. فقد أظهرت دراسة أجراها الباحثان الأميركيان، إليزابيث بروش ومارك نيومان، من جامعة ميشيغان، حول سلوك الأشخاص على مواقع المواعدة، أن الرجال يكتسبون جاذبية مع تقدّم العمر، حيث تبلغ ذروتها حوالى سن الخمسين، في حين أنّ جاذبية المرأة تكون في ذروتها في عمر ١٨ قبل أن تبدأ بالانخفاض عامًا بعد عام أي أنّ حتى بطاقة “امتياز الجمال” هذه لها تاريخ صلاحيّة ينتهي للأسف، مع تقدّمها بالعمر.

تقول آرييل، وهي طالبة تبلغ من العمر ٢١ عامًا: ” قد يكون امتياز الجمال موجودًا، إنما ما هو مؤكّد هو التمييز الجنسي، الذي لم يمنعني من الاستمتاع بجمالي، لا بل أشعر به في أدنى تنقلاتي، في المترو والسوبرماركت والنوادي الليلية إذ ابتسامة صغيرة مني لمراقب المترو مثلًا، قد تجعله يغضّ النظر عن عدم دفعي تعريفة الدخول، والأمر نفسه يحصل معي في الحانات حيث يسارع كثيرون لتقديم المشروبات الروحيّة لي، على عكس بعض أصدقائي، وحتى في عملي مع مرؤوسيّ، لدىّ امتيازات لا يتمتع بها زملائي، طبعًا، أنا على يقين أن هذه “الميزة” لن تدوم إنما في الوقت الحالي أسعى للاستفادة منها.

في دراسة أجرتها Monster UK في عام 2014، تبيّن أنه خلال يوم توظيفي نظّمته إحدى الشركات، كان للمرشحين مدة ٦دقائق و٢٥ ثانية لإقناع ربّ العمل بمهاراتهم بهدف توظيفهم، لكنّه تبيّنّ في ما بعد، أنّ الحكم على المرشّحات جاء بناءً على مظهرهنّ أكثر منه على كفاءتهنّ وطريق مقاربتهنّ للأمور، كما اعترف أكثر من ثلثي أرباب العمل بتردّدهم في توظيف امرأة لا تضع المكياج.

تقول ناتاليا (٣٠ عامًا):” أنا لست مسؤولة عن هذه العقلية إنما لا يمكنني أن أنكر من أنها تناسبني جدًا على الصعيد الشخصي، على الرغم من أنّ هذه العقليّة بالتحديد، إلى جانب كفاءتي قد ساهمت في تبوئي المركز الذي أشغله كمديرة مشروع في الشركة التي أعمل بها، وهذا ما أسرّ لي به أحد أعضاء فريق التوظيف لاحقًا، عندما قال: “على الرغم من مهاراتك إلا أنّ للياقتك البدنيّة وحسن مظهرك الباع الأكبر في دخولك إلى شركتنا”.

عندما شعرت إميلي راتاجكوفسكي بأنها مجرّد “قطعة لحم”.

تقول الكاتبة النسوية منى شولي Mona Cholletفي كتابها “Beauty Fatale: les nouveaux aliénation feminine”: “لتنجح المرأة مهنيًا يجب ألا تكون جذابة كثيرة، كما يجب ألا تفتقد للجاذبية”، إذ تعتبر أنّ المرأة الجذّابة في حال تعرّضها للتحرّش الجنسي، ستتحمّل جزءًا من المسؤولية، فالجميلة الفاتنة تتحوّل في لمح البصر إلى غبيّة وغاوية، وتتحوّل بطاقة “امتياز الجمال” التي بحوزتها إلى “عقوبة الجمال”، كذلك الأمر في الحالة الثانية، إذ ستعرّض نفسها لتعليقات مهينة لفشلها بالقيام بدورها الكامل في الترويح البصري”.

إميلي-راتاجكوفسكي-696x464

                    إميلي راتاجوفسكي

وهذا ما ذكرته عارضة الأزياء Emily Ratjakowsky في مقابلة مع المجلة الإنجليزية “ES”، في مايو/أيار ٢٠١٦ إذ قالت أنّ هذا الواقع بالتحديد هو أحد أسباب توقّف مسيرتها الفنيّة: “فجسدها المثير جدًا لعب دورًا ضدّها فكونها ممثلة مثيرة، كان من الصعب عليها أن تحصل على أدوار جادة”.

فجمالها الفتّان وجسدها المثير الذي فتح لها أبواب الشهرة وأدخلها عالم الفنّ الاستعراضي من خلال تصويرها مقطع “Blurred Lines” للمغني Robin Thicke، عاد وأغلقه أمامها لمدة عشر سنوات وقد قالت لصحيفة لوس أنجلوس تايمز في أبريل/نيسان ٢٠٢٣: “شعرت وكأنني قطعة لحم”، لذا اعتزلت الفن واتجهت إلى إدارة الأعمال.

المقال السابق
بعد عراضته "العسكرية".. نواب يرفعون الصوت بوجه حالة "حزب الله" الشاذة!
كريستين نمر

كريستين نمر

محرّرة وكاتبة

مقالات ذات صلة

ارتجاف وصعوبة بالتنفّس.. تفاصيل ثاني إعدام بالنيتروجين في أميركا

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية